تنزيه القرآن عن المطاعن،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[مسألة]

صفحة 387 - الجزء 1

سورة الأحقاف

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ} كيف يصح ان يقول ذلك وهو كلام شاك في أمره وأمرهم؟ وجوابنا أن المراد ما أدري ما يفعل بي ولا بكم فيما يوحى إليّ فبيّن أن الوحي يأتي في المستقبل بما لا يعلمه في الوقت وقال تعالى بعده {وَما أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ} فبيّن انه بعد نزول الوحي ينذر ويحذر وقوله تعالى من بعد {وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى} يعني القرآن يدل على حدوثه لان ما تقدمه غيره لا يكون الا محدثا وكذلك قوله تعالى {وَهذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ لِساناً عَرَبِيًّا} يدل على ذلك وقوله تعالى من بعد {إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} يدل على أن من هذا حاله لا تؤثر فيه أهوال الآخرة وقوله تعالى {وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا} يعني من جزاء ما عملوا لأنهم يتفاضلون في ذلك وكذلك قوله {وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمالَهُمْ} أي جزاء أعمالهم وقوله في الكفار {أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ} يدل على أنهم استحقوا العذاب لاستكبارهم وفسقهم على ما نقوله في ذلك.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً