تنزيه القرآن عن المطاعن،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[مسألة]

صفحة 94 - الجزء 1

  الميراث وغيره أن يختص به الرجال في أول الاسلام فنزلت هذه الآية وعلم بها ان النساء كالرجال وأن لهن حقا في الميراث وفي سائر أسباب التملك ثمّ ذكر تعالى أن الواجب على المرء أن يسأل ربه ما يريده من الفضل في الدنيا ويعدل عن طريقة التمني، فلذلك قال {وَسْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ}.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} كيف يصح ذلك وبالمعاقدة لا يرث المرء. وجوابنا أن ذلك قد كان في أول الاسلام ثمّ نسخ بآية المواريث كما قد كانوا يرثون بالهجرة ثمّ نسخ.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ} كيف أوجب ذلك لأجل انه فضل بعضهم على بعض ولأجل انفاقهم لأموالهم فقد تكون المرأة أفضل من الرجل وأكثر انفاقا. وجوابنا أنه تعالى جعل ذلك علة في جملة الرجال لا في آحادهم لأن الغالب انهم أفضل في التدبير والرأي وطلب المعاش من النساء في أحوال كثيرة وانهم الذين يتولون الانفاق والعلة إذا صارت للجملة لم يطعن فيها بالأندر في الآحاد واللّه تعالى جعلهم بهذا الوصف في مقابلة انه جعل النساء حافظات للغيب على الرجال مؤتمنات على ما يتصل بتدبير المنزل فلكل فريق في ذلك من الحظ ما ليس للآخر.

[مسألة]

  وربما قيل كيف يصح قوله تعالى {وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} ومعلوم أن نشوزهن إذا زال بالوعظ لم يحسن الهجران والضرب فكيف جمع تعالى بين الثلاثة. وجوابنا أن المراد بذلك الترتيب لا الجمع فمن يؤمل زوال نشوز امرأته بالوعظ لم يحسن منه الهجران ومن يرجو ذلك بالهجران لم يحسن منه الضرب وإذا لم يرج زوال ذلك إلا بالضرب على وجه التأديب يحسن منه ذلك، فكأنه تعالى قال فعظوهن واهجروهن إذ لم ينفع ذلك أو اضربوهن ان