[مسألة]
  لم يؤثر ذلك وانما صح ذلك لأن مراد المرء فيما يغمه من غيره أن لا يقع ذلك فإذا أمكنه التوصل إلى أن لا يقع بالسهل لم يكن له أن يعدل إلى ما فوقه وهكذا مذهبنا في النهي عن المنكر ومثل ذلك يتعلق حسنه باجتهاد المرء فكأنه تعالى بيّن أن الذي يحسن منه عند نشوز المرأة أحد هذه الثلاثة على الترتيب الذي ذكرناه ولذلك قال تعالى {فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا} فنبه بذلك على أن لا سبيل لكم عليها إذا أطاعت بالموعظة فدل بذلك على صحة ما ذكرناه.
[مسألة]
  وربما قيل في قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً} بعد قوله {فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا} كيف تعلق ذلك بهذا النهي.
  وجوابنا انه تحذير من هذا الفعل لأن معنى قوله ان اللّه كان عليا كبيرا انه مقتدر على المؤاخذة بما نهاكم عنه وكذلك قوله {كَبِيراً} فحذر تعالى من المخالفة بذكر هذين الوصفين.
[مسألة]
  وربما قيل في قوله تعالى {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُما} فما يدل ذلك على أنه تعالى يفعل فيهما الموافقة وان فعلهما من خلق اللّه تعالى. وجوابنا ان التوفيق لا يكون الا من قبل اللّه تعالى وهو الأمر الذي يدعو العبد إلى الصلاح فعند الشقاق أمر تعالى بالحكمين من قبل الرجل والمرأة ثمّ بيّن ان ذلك معني وأن بذل الجهد غير التوفيق من اللّه فليس الأمر كما قدروه بل يدل على أن فعل العبد من جهته لأنه لو كان من خلق اللّه تعالى فيه لاستغنى عن التوفيق ولذلك قال تعالى في هذا التوفيق ان من شرطه أن يريدا اصلاحا لا افسادا ليتخفف ذلك الواقع من قبله تعالى.
  [فصل] ولما بين لنا ما نعامل به النساء عند الصلاح وعند النشوز وعند الشقاق بيّن، أيضا ما يلزم المرء أن يفعله لصلاح دينه فقال {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا