كتاب الحج
كتابُ الحج
  مسألة: (الحجُّ واجبٌ على كل من استطاعَ إليه سبيلا، والاستطاعةُ هي الزاد والراحلة وصحة البدن وأَمانُ الطريق). والأصل في ذلك قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}[آل عمران: ٩٧]، وروي عن النبي ÷ أنه سُئِلَ عن استطاعةِ الحجِّ فقال: «هِيَ الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ»(١). وعن أمير المؤمنين # أنه قال: «السَّبِيْلُ: الزَّادُ والرَّاحِلَةُ»(٢). وإنما قلنا: إن صحةَ البدن شرطٌ؛ لأنه لا يتمكن من السفر والثبات على الراحلة إلا بها، ولا معنى لاشتراط الراحلة إلا لمن يمكنه ركوبُها والسفرُ بها، دونَ من يتعذرُ ذلك عليه. وأما أَمانُ الطريق فالإجماعُ واقعٌ على أنه شرطٌ؛ ولأنه لا فائدة في اشتراط الزاد والراحلة وصحة البدن إلا للتوصّل بذلك إلى الحج، فإذا لم يمكن الوصول مع الخوف لم يكن لاشتراط ذلك وجه.
  فصل: والمعتبر من الزاد ما يكفيه ذاهباً وراجعاً إلى وطنه ويكفي أولادَه إلى وقت رجوعه إن كان له أولاد تلزمه نفقتُهُم، ويكون ذلك فاضلاً عما لا بُدَّ له منه: من منزله وثيابِ بدنه وأبدان مَنْ تلزمه مؤنته، وكذلك الكلام في الراحلة يجب أن يكونَ له ما يحمله ذاهباً وراجعاً أيضاً. ومن الشروط في حق المرأة مَحْرَمٌ يحج بها؛ لما روي أن امرأةً جاءت إلى رسول الله ÷ فقالت: يا رسولَ الله إن ابنتي تريدُ الحج، فقال: «أَلَهَا مَحْرَمٌ؟» قالت: لا، قال: «فَزَوِّجِيهَا ثُمَّ لْتَحُجَّ»(٣).
(١) شرح التجريد ٢/ ١٥٩، والشفاء ٢/ ٧، والبخاري رقم ٢٨٩٧، وابن ماجه رقم ٢٨٩٧.
(٢) المسند ص ٢٢٢، وشرح التجريد ٢/ ١٥٩، والشفاء ٢/ ٧، وأصول الأحكام.
(٣) شرح التجريد ٢/ ١٧٦، وأصول الأحكام، والشفاء ٢/ ١١.