شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب ذكر أنواع الحج

صفحة 131 - الجزء 1

  يفعلُ في طوافه من الرَّمَلِ في ثلاثة أشواط، والمشي في أربعة، وصلاة الركعتين بعد الطواف، والسعي بين الصفا والمروة، والرمل في سعيه مثل ما تقدم ذكره.

  قلنا: ويقصِّرُ من شعره وقد خرج من إحرامه؛ وذلك لما روي عن النبي ÷ أنه لما فرغ من السعي قال: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُحِلُّ، وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً». فحل الناس وقصروا إلا من كان معه هدي.

  مسألة: (ويجب على المتمتع إراقة دم لتمتعه، وأقله شاة)؛ وذلك لقوله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}⁣[البقرة: ١٩٦].

  مسألة: (والقارن والمتمتع يجوز لهما أن يأكلا من هديهما ويُطْعِمَا من شاءا. ولا يأكلا هما ولا الْمُفْردُ شيئاً من الكفارات التي تجب عليهم). والأصل في جواز أكل القارن والمتمتع من هديهما؛ قول الله تعالى: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ}⁣[الحج: ٣٦]. ولما روي عن النبي ÷ أنه نحر بيده ثلاثاً وستين بدنة، ونحرأميرُ المؤمنين # سبعاً وثلاثين بدنة، وأنه ÷ أمر أن يقطع من كل واحدة منها قطعة، فجمعت وطبخت له وأكل من اللحم وحسى من المرق، وكان ÷ قارناً⁣(⁣١). ولا شك في أن حكم هدي المتمتع حكم هدي القارن في هذا الباب. وأما هدي الكفارات وكذلك جزاء الصيد فإنما لم يَجُزْ لمن وجب عليه أكله لقوله تعالى: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ


(١) درر الأحاديث ص ٨٩، وشرح التجريد ٢/ ١٩٢، ومسلم رقم ١٢١٨، وابن ماجه رقم ٣٠٧٤، وأبو داود رقم ١٩٠٥.