باب ذكر محظورات الإحرام وتوابع ذلك
  النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا}[المائدة: ٩٥]، فلما جُعِلَ الطعام فيه كفارة للمساكين كان الجزاء للمساكين أيضاً؛ لأن كل واحد منهما قائم مقام الآخر، وكذلك سائر الكفارات فإنها للمساكين؛ فلا يجوز له الانتفاع بها، وكذلك فلا يجوز له أن يُعْطِيَ منها الجازِرَ شيئاً.
باب ذكر محظورات الإحرام وتوابع ذلك
  مسألة: (لا يجوز للمحرم أن يتطيبَ، ولا أن يلبسَ مخيطاً، ولا أن يغطيَ رأسه، ولا يلبس الخفين، إلا أن يقطع ما علا الكعبين). والأصل في منعه من ذلك الخَبَرُالمتقدم في باب صفة الحج، ففيه أن النبي ÷ نهي عن هذه الأشياء إلا الطيب فإنه لم يصرح بذكره ولكنه نبه عليه بنهيه للمحرم عن لبس ثوب مسه وَرْسٌ أو زعفران، وروي عنه ÷ أنه قال في أهل عرفة: «إنَّ اللهَ تَعَالَى يُبَاهِي بِكُمُ الْمَلائِكَةَ، يقول: عِبَادِي أَتَوْني شُعْثاً غُبْراً»(١). وذلك يقتضي المنع من الطيب والزينة؛ وذلك لأنهما ينافيان الشَّعَثَ والغُبْرَةَ.
  مسألة: (ولا يزيل شيئاً من شعره ولا من أظافيره). أما الشعر فلقوله تعالى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ}[البقرة: ١٩٦]، والتقصير كالحلق في المنع منه، فإذا احتاج إلى حلقه جاز له أن يحلقه، وعليه الفدية، وكذلك إذا حلق ما بَانَ أثرُهُ؛ وذلك لقوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} اهنا ضميرتقديره أو
(١) المسند ص ٢٢١، وشرح التجريد ٢/ ٢٢٣، والشفاء ٢/ ١٠٧، والاعتصام ٣/ ٩١، والبيهقي ٥/ ٥٨ والمعجم الكبير ١٢/ ٤٢٥ رقم ١٣٥٦٦، وابن حبان رقم ٣٨٥٢ بلفظ مقارب.