شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب ذكر محظورات الإحرام وتوابع ذلك

صفحة 134 - الجزء 1

  فعليه فدية واحدة وهودم يُرِيقه، وأقله شاة، أوإطعام ستة مساكين، أوصيام ثلاثة أيام، وهو مخيرٌبين هذه الثلاثة الأشياء، وإن فعل ذلك في أوقات متفرقة فعليه لكل واحد من ذلك فدية)، والمراد بفعل كل جنس معاً هو مثل أن يلبس القميصَ ثم القَلَنْسُوَةَ ثم العمامة ثم السراويل لُبْساً متصلاً بعضه ببعض، أو يتطيبَ بنوع من الطيب ثم بنوع بعده، أو يتداوي بدواء فيه طيب، أو يأخذَ شعرَ رأسه ثم شعرشاربه ثم إبطيه ويتصلَ بعضُه بالبعض فإنه يلزمه للجنس الواحد كفارةٌ واحدةٌ، والأظهرأنّ ذلك إجماع؛ ووجهه أنها أفعالٌ من جنس واحد فجرت مَجرى الفعل الواحد، كما لو حلف ألاَّ يأكل إلا أكلة واحدة، فأكل من أول النهار إلى آخره متصلاً من أطعمة مختلفة فإنه لا يحنث. قلنا: فإن فعل ذلك في أوقات متفرقة فعليه لكل واحد من ذلك فدية؛ ووجه ذلك أن كلَّ واحد منها محظورٌعليه، وموجبٌ للفدية؛ فلزمه الفدية. قلنا: والفديةُ إما دمٌ يريقه، أو إطعام ستة مساكين، أو صيام ثلاثة أيام؛ والأصل في ذلك قول الله تعالى: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}⁣[البقرة: ١٩٦]، وقد روي عن أمير المؤمنين # أنه قال فيمن أصابه أذًى من رأسه فحلقه: يصوم ثلاثة أيام، وإن شاء أطعم ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع، وإن شاء نَسَكَ بذبح شاة⁣(⁣١). ومثل هذا لا يُعرَفُ إلا من جهة النبي ÷. وقلنا: إنه مخير بين هذه الأشياء الثلاثة؛ لظاهرالآية؛ لأنه سبحانه خَيَّر بينها بحرف التخيير وهو «أو» فقال: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}.


(١) المسند ص ٢٣٥، وشرح التجريد ٢/ ٢٢٨، والشفاء ٢/ ١١٥، والبخاري رقم ٣٩٢٧، والترمذي رقم ٢٩٧٣، وأبو داود رقم ١٨٦٠.