باب ذكر محظورات الإحرام وتوابع ذلك
  بالسلطان عندنا إمام المسلمين الذي ثبتت له الولاية على من لا وليَّ له. وإنما يثبت العَضْلُ من الولي إذا امتنع من تزويجها من الكُفْؤ، الذي ترضى به؛ لأن امتناعَه من تزويجها من غير الكفؤ لا يكون عضلاً، لِما يلحقه من تزويجها من الدَّنِيِّ من الوَكْسِ والنقص، وذلك ضررٌ لا يجب عليه احتمالُه. ولقوله ÷: «لاَ يُزَوَّجْنَ النِّسَاءُ إِلاَّ مِنْ الأَكْفَآءِ، وَلاَ يُزَوِّجُهُنَّ إِلاَّ الأَوْلِيَاءُ، وَلاَ مَهْرَ دُونَ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ»(١).
  فصل: والكفاءةُ معتبرةٌ في صحة النكاح، ومعنى ذلك أن المرأةَ إذا رضيت بتزويج من ليس بكفؤلها كان لأوليائها مَنْعُهَا من ذلك. والكفاءةُ في الدين والنسب. ومعنى الدين: هو أن يكون الرجل والمرأة مُتَساوِيَين في العَفَافِ، أو في التهتك والإقدامِ على المعاصي. ومعنى النسب: فهو أن لا يكونَ لأحدهما فضلٌ في ذلك على صاحبه؛ والأصل في اعتبار الكفاءة ما روي عن النبي ÷ أنه قال: «إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَونَ دِيْنَهُ وَخُلُقَهُ فَأَنْكِحُوهُ، إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيْر»(٢). والنسبُ من جملة الخُلُق؛ فصح أن الدينَ والنسبَ معتبران في الكفاءة. وعنه ÷ أنه قال: «العَرَبُ بَعْضُهَا أَكْفَاءُ لِبَعْض: قَبِيْلَةٌ بِقَبِيْلَةٍ، وَحَيٌّ بِحَيٍّ، وَرَجُلٌ بِرَجُلٍ»(٣) وعنه ÷ أنه قال: «إنّ اللهَ اصطَفَي كِنَانَةَ مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيْلَ، وَاصْطَفَى مِنْ كِنَانَةَ قُرَيْشاً،
(١) شرح التجريد ٣/ ٦٧، وأصول الأحكام، والشفاء ٢/ ٢١٦، والاعتصام ٣/ ٢٥٢، والبيهقي ٧/ ١٣٣، و الدار قطني ٣/ ٢٤٤، ونصب الراية ٣/ ١٩٦، و مجمع الزوائد ٤/ ٢٨٥.
(٢) شرح التجريد ٣/ ٢٠، وأصول الأحكام، والشفاء ٢/ ١٩٣، والترمذي رقم ١٠٨٥، والبيهقي ٧/ ٨٢، ومصنف عبدالرزاق ٦/ ١٥٣ رقم: ١٠٣٢٥.
(٣) شرح التجريد ٣/ ٢١، وأصول الأحكام، والاعتصام ٣/ ٢٥٢، والبيهقي ٧/ ١٣٤، و نصب الراية ٣/ ١٩٧.