شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب ذكر الأولياء

صفحة 145 - الجزء 1

  العصبات على هذا الوجه، وأنَّ المتقدمَ منهم أولى بالتعصيب فكان أوْلى بالولاية. وقولنا في المَوْلى: إنه المعتق أو من يقومُ مقامَهُ، فالمُرادُ بِهِ ابنُ المعتِق أو أبوهُ إذا عدم الْمُعْتِقُ كان عصبته يقومون مقامه في تَعصِيب التي أعتقها.

  مسألة: (فإن عَدِمَ هؤلاءِ الأولياءُ كانت ولايةُ النكاح لإمام المسلمين، أو من يلي مِنْ قِبَلِهِ)؛ وذلك لما روي عن أمير المؤمنين # عن النبي ÷ أنه قال: «أيُّمَا امْرأةٍ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَليٍّ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، ثُمَّ هُوَبَاطِلٌ، ثُمَّ هُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وليٌّ فَالسُّلطَانُ وَليُّ مَنْ لاَ وَليَّ لَهُ»⁣(⁣١).

  مسألة: (وإن عَدِم ذلك، وكَّلتِ المرأةُ رجلاً من المسلمين بعقد النكاح)؛ وذلك لقوله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}⁣[التوبة: ٧١]. فوجبَ أن يكونَ كلُّ مؤمنٍ وليًّا لكل مؤمنةٍ إلا ما خَصَّه الدليلُ، وقد خَصَّ الدليلُ من كان لها وليٌّ من عصبةٍ أو إمام؛ فبقي ما عدا ذلك داخلاً تحت الظاهر؛ ولأن المسلمين يَرِثُونَها على وجه التعصيب إذا عَدِمَ ورثتُها؛ فكان لهم حقُّ الولاية متى أَذِنت في ذلك ورضيت به.

  مسألة: (وإذا غَابَ وليُّ المرأةِ غَيْبَةً منقطعة، نحو أن يكون على مسافة شهرٍ⁣(⁣٢)، أو امتنع من تزويج المرأة من هو كفؤٌ لهاـ صارت الولاية لغيره من الأولياء على الترتيب المذكور، ولم يبقَ له ولايةٌ عليها ما دام على تلك الحال). وإنما قلنا: إذا غَاب هذه الغَيبة صارت الولاية لغيره من الأولياء؛ لأنها


(١) الأمالي ٢/ ٨٩٥ برقم ١٤٥١، وأصول الأحكام، ومجمع الزوائد ٤/ ٢٨٥، والطبراني في الأوسط ٦/ ٢٦٠ رقم ٦٣٥٢، والترمذي رقم ١١٠٢، وأبو داود رقم ٢٠٨٣، وابن ماجه رقم ١٨٧٩.

(٢) واختار أبو حنيفة والشافعي مسافة القصر على اختلافها.