باب ذكر الأولياء
  أكثرُما قيل في ذلك، وولايَتُهُ ثابتة فلا تزول إلا بما يُوجب زوالَها، فلما وقع الإجماعُ على زوالِها بهذا القدر بقي ما عدا ذلك لا دليل على زوال الولاية معه. قلنا: وتنتقل الولايةُ إلى غيره من الأولياء عند غَيبة الأقرب أو عضله؛ لأن الولايةَ تثبت؛ نظراً لمصلحة المرأةِ، ودفعاً للضَّرر عنها، وفي وُقوفِهَا على رأي الغائب هذه الغيبة أو العاضل إضرارٌ بها، وهو منفيٌ عنه، قال رسولُ الله ÷: «لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ في الإِسْلاَمِ»(١). فإذا سقطت ولايةُ الأقرب؛ لذلك انتقلت إلى غيره، كما لو مات.
  فصل: ومن كان صغيراً لم يبلغْ من الأولياء لم تكن له ولايةٌ؛ لأنه مُوَلَّي عليه، فكيف تكونُ له ولايةٌ على غيره؟! وعلاماتُ البلوغ: الاحتلامُ في الغُلام، والحيضُ في الجاريةِ، ولا يظهر في ذلك خلافٌ بين العلماء، و نباتُ شعر العانةِ، ومضيُّ خمسَ عشرة سنة؛ فأمّا نبات الشعرِ، فلما رُويَ أن أبناءَ قُرَيْظَةَ عُرِضُوا على النبي ÷ فمن كان مُحتلِماً أو نبتتْ عَانَتُهُ قُتِلَ، ومن لم يكن احتلم أو نبتت عانَتُهُ تُرِك(٢). وأما مضي خمس عشرة سنةً، فلما روي عن عبد الله بن عُمر، أنه قال: عُرِضْتُ على رسول الله ÷ يوم أُحُدَ وأنا ابن أربع عشرة سنةً، فلم يُجِزْنِي في المُقَاتِلَةِ، وعُرضْتُ عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنةً، فأجازني في المُقَاتِلَةِ(٣).
(١) شرح التجريد ٢/ ٢٥، ونصب الراية ٤/ ٣٨٦.
(٢) سيرة بن هشام ٣/ ٢٥٥.
(٣) شرح التجريد ٢/ ٤٦، وأصول الأحكام، وابن ماجه رقم ٢٥٤٣، والبيهقي ٦/ ٥٥، ومصنف بن أبي شيبة ٧/ ٣٦٩ رقم ٣٦٧٦٦.