شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب ما يفسد النكاح وما يجب فيه الخيار

صفحة 156 - الجزء 1

  مارُوِيَ أن النبي ÷ تزوج امرأة من بني غِفَار، فَأُدخِلتْ عليه فرأى في كَشْحِها⁣(⁣١) وَضَحاً فردها وقال: «دَلَّسْتُمْ عَلَيَّ»⁣(⁣٢)؛ وذلك يقتضي أنه ردها لأجل التدليس؛ فظاهر الرد يقتضي الفسخ، وإذا ثبت له الفسخُ بالبرص ثبت بما هو أشد منه من هذه العيوب، وعن أمير المؤمنين # أنه قال: «يُرَدُّ النكاح بأربعة أشياءَ: الجُنونُ والجُذامُ والبَرَصُ والقَرْنُ»⁣(⁣٣). ومعنى القرن والرتق واحدٌ.

  فصلٌ: وكذلك إذا كان بالزوج أحد هذه العيوب الثلاثة الأُوَلِ كان للمرأةِ الخيارُ أيضاً؛ لأن قولَ أمير المؤمنين #: يُرَدُّ النكاحُ [الخبرَ] يدخل فيه نكاح الزوجين معاً، إلا الرّتق الذي لا يصحُّ في الرجال؛ ولأن النُّفُورَ الذي يمنع الزوجَ من عشرة الزوجة إذا كانت معيبة يمنعها أيضاً إذا كان معيباً؛ فثبت لها من الخيار ما ثبتَ له، قال الله سبحانه: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}⁣[البقرة: ٢٢٨].

  مسألة: (والرابع: أن يعقد ولي البالغة عليها من غير عِلمِها ولا مشاورتهما فلها الخيارُ متى علمت، أو يعقدَ على الصغيرة غيرُ أبيها من الأولياء فلها الخيارُ متى بلغت)؛ والأصل في ذلك أنهما يجريان مَجرى الْمُعْتَقَةِ وهي تحت الزوج، فكما ثبت للمعتقةِ الخيارُ كذلك ما ذكرناه، والجامعُ بينهما وبين المعتقة أن كل واحدةٍ منهما عَقَد عليها غيرُ أبيها في حالٍ لم يكن لها ولاية على نفسها، ثم تجددت لها الولاية، فثبت لها الخيار كالمعتقة.

  مسألة: (وبلوغُها يكون بالحيض، أو إنبات الشعر، أو تمام خمسَ عشْرَةَ سَنَةً، وبلوغ الرجال يكون بالاحتلام أو الإنبات، أو تمام خمس عشرة سنة).


(١) الكشح: ما بين الخاصرة إلى الضلع. المختار ص ٥٧٢.

(٢) شرح التجريد ٣/ ٩٠، والشفاء ٢/ ٢٦٠، ومجمع الزوائد ٤/ ٣٠٠، والبيهقي ٧/ ٢١٣، وتلخيص الخبير ٣/ ١٧٧ رقم ١٥٣٨.

(٣) شرح التجريد ٢/ ٩٠، والشفاء ٢/ ٢٦٠، ومصنف ابن أبي شيبة عن جابر ٣/ ٤٨٦ رقم ١٦٢٩٧.