باب القول في الفراش ولحوق الولد بصاحبه
  وهو للباقي منكما، أنَّ حكم الأبوة ثابتٌ للباقي منهما على الكمال، فتلزمه النفقة جميعاً، ويستحق الوراثةَ كلَّها ونحو ذلك من أحكام الأبوة، ولا يكون لأولاد الأب الماضي مشاركة في ذلك ما دام الأبُ الثاني حياًّ(١).
  مسألة: (وليس لزوجة المفقود أن تتزوَّج حتى يصحَّ لها موتُه، أو يمضي من الزمان ما لا يعيش مثلُه أكثرَ منه). والأصل في ذلك أن النكاح بينهما ثابت، فتكون من جملة المحصنات الداخلات تحت قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ}[النساء: ٢٤] فيحرم نكاحها على زوج ثانٍ حتي يصحّ ما يوجب زوال النكاح الأول: من موت أو ما يجري مجراه في زوال النكاح كالطلاق أو الردة، ومتى حصل العلم بزوال النكاح كالخبر المتواتر، أو ما يوجب الظن كالشهادة العادلة، أو خبرالثِّقَة جاز العملُ بذلك، وإلا بقيت على حكم الأصل، وهو ثبوت النكاح الأول، فإذا مضت المدة التي لم تجرالعادة أنه يبقى أكثر منها فقد حصل غالب الظن بموته، فجاز لها أن تعمل بهذا الظن، وقد اختلفوا في مقدار المدة التي لا يعيش أكثر منها؛ فروي عن القاسم(٢) #
(١) أي لا يرثه إخوته من الأب الماضي ما دام الأب الباقي حيا؛ لأنه يسقطهم.
(٢) هو الإمام أبي محمد القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب $. الملقب بالرسي؛ لتمركزه في جبل الرس. وهو من أقمار العترة الرضية، وأحد عظماء الإسلام، انتهت إليه الرئاسة في عصره، وتميز بالفضل على أبناء دهره، ولد بالمدينة سنة ١٦٩ هـ. ودعا إلى الإمامة سنة ١٩٩ هـ ولبث في دعاء الخلق إلى الله إلى أن توفي في جبل الرس سنة ٢٤٦ هـ. وله # العلم العجيب، والتصانيف الرايقة في علم الكلام، وغيره من الفنون. فمنها كتاب الدليل الكبير، والدليل الصغير، والعدل والتوحيد الكبير، والرد على ابن المقفع، والرد على النصاري، والمسترشد، والرد على المجبرة، وتأويل العرش والكرسي، وكتاب الرد على الملحد، والناسخ والمنسوخ، والمكنون في الأدب والحكم، وسياسة النفس وغيرها. ينظر التحف شرح الزلف ص ١٤٥، والشافي ١/ ٢٦٢، والأعلام ٥/ ١٧١، والحدائق الوردية ٢/ ٢، و أعلام المؤلفين الزيدية ص ٧٥٩.