باب القول في الظهار
  مسألة: (ولا ظهار إلا بالأُمِّ من النسب دون غيرها من المحارم)؛ وذلك لأن الآية التي هي أصل في حكم الظهار ما وردت إلا في الأم من النسب(١)، دون أن تكون من الرضاعة، ودون غيرها من المحارم، وهذا هو مفهوم الآية، فكأنه تعالى قال: الذِين يظاهِرون مِنكم من نِسائهم ما هن أمهاتِهِم إِن أمهاتهم إِلا اللآئِي ولدنهم؛ ولأن الأصل في لفظة الظِّهار أنها تُطْلَقُ على قول الرجل لزوجته: أنتِ عليَّ كظهر أمي؛ فوجب قصر الآية على ذلك، وبقي ما عداها من المحارم غير داخلٍ فيها.
  مسألة: (وهو ضربان أحدهما: مُطْلَقٌ، وهو أن يظاهر من غير تعليق بشرط، فيلزمه حكمُهُ في الحال، والثاني: معلق بالشَّرط، فلا يلزمه حكمه إلا إذا وجد الشرط). والأصل في ذلك الآيةُ الواردةُ في الظِّهارِ؛ فإنها لم تفصل في لزوم حكم الظِّهاربين من أطلق وبين من علقه بشرط أووَقَّتَهُ بوقت، وكذلك خبر أوس، فإن النبي ÷ لما أَلزمه حكم الظهار لم يفصل بين أن يكون مُطْلِقاً أو مُعَلِّقاً، في أن حكم الظهار لازم له، والحكم في ذلك هو حرمة مداناته لها: فلا يجوز له وطؤها، ولا لمسها لشهوة، ولا أن يقبلها قبل أن يُكَفِّرَ، والمطْلَقُ هو أن يقول: أنتِ عليَّ كظهر أمي، ولا يعلقه بشيء، والمعلَّقُ بالشرط هو أن يقول: أنتِ عليَّ كظهر أمي إن دخلت الدار، أو نحو ذلك. والمؤقَّت هو أن يقول: أنت عليَّ كظهر أمي من يوم كذا، أو شهر كذا، أو يقول: إلى شهر كذا؛ فيلزمه حكم ذلك على حسب ما التزمه.
  مسألة: (ومتى لَزِمَهُ حكمه فأراد مماسَّةَ زوجته لزمته الكفارة قبل المماسة. والكفارة عتق رقبة، سواء كانت بالغة مؤمنة أو غيرَ بالغة،
(١) قال أبو حنيفة: يصح الظهار بكل رحم محرم من النسب.