شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب القول في الظهار

صفحة 183 - الجزء 1

  وصحيحة كانت أو غير صحيحة، والأفضل أن تكون مسلمة سليمة من الآفات). وإنما قلنا: إن الكفارة تلزمه لإرادة المماسة؛ لقوله تعالى: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا}⁣[المجادلة: ٣]، وذلك يحتمل بظاهره: إما الاستمتاع بها، أو العزم عليه؛ لأن القائل متى قال: حرَّمَ فلانٌ على نفسه دخولَ الدارِ ثم عاد لما حرمه، صح منه أن يفسر عوده لذلك بأن يقول: فدخل الدار، أو يقول: فعزم على دخولها. فلما أوجب سبحانه الكفارة بعد العود وقبل المماسة بقوله: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا}⁣[المجادلة: ٣] صح أنه أراد بالعود إرادة المماسة. والأصل في الكفارة قوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ٣ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا}⁣[المجادلة: ٣ - ٤]، وَلِمَا في خبر أوس أن النبي ÷ لما شكت إليه زوجة أوس ما فعل زوجها أوس من الظِّهار قال لها: «يُعتِقُ رَقَبَهً»، قالت: لا يجد، قال: «فَيَصُومُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ»، قالت: يا رسول الله، إنه شيخ كبير ما به ما صام، قال: «فَيُطْعِمُ سِتِّيْنَ مِسْكِيْناً»⁣(⁣١). وذلك يقتضي وجوب الكفارة على الترتيب، ويوجب تقديم العتق على غيره متى أمكن. وقلنا: لا فرق بين أن تكون بالغةً مؤمنة أوغيرَ بالغةٍ، وصحيحة أو غير صحيحة؛ لأن قوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} لم يفصل أيضاً بين أن تكون صغيرة أو كبيرة، ولا بين سليم وغيرِ سليم، وكذلك ما في الخبر من الأمر بالعتق، لم يفصل أيضاً بين رقبة ورقبة. قلنا: والأفضل أن تكون مسلمة سليمة من الآفات؛ لأنه لا خلاف


(١) شرح التجريد ٣/ ١٧٤ الشفاء ٢/ ٣٤٢، وأبو داود رقم ٢٢١٤، والبيهقي ٧/ ٣٩١، ونصب الراية ٣/ ٢٤٧.