شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب القول في الظهار

صفحة 184 - الجزء 1

  فيه، وفي خبر أبي ذر أنه قال للنبي ÷: أيُّ الرِّقاب أفضل؟ فقال: «أَغْلاَهَا ثَمَناً وَ أَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا»⁣(⁣١).

  مسألة: (ولا يجوز عتق الكافر في الكفارة)؛ وذلك لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ}⁣[التوبة: ٧٣] والعتق ينافي الجهادَ لهم والغلظةَ عليهم، ولما روي أن رجلاً أتى النبي ÷ ومعه أمة خرساء، فذكر أن عليه رقبة، فقال: هل تجزئ هذه؟ فامتحنها رسول الله ÷ بالإيمان، فقال: «أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ»، فدل ذلك على أن الإيمانَ شرطٌ في عتق البالغة على كل حال؛ لأنه ÷ لم يفصل بين ضروب العتق.

  مسألة: (فإن لم يجد الْمُكَفِّرُذلك فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فاطعام ستين مسكيناً من فقراء المسلمين وأيتامِهم). والأصل في ذلك الآية والخبر، وهما يقتضيان وجوب الكفارة على الترتيب، وقبل المماسة وذلك بَيِّنٌ في الآية والخبر، والله سبحانه قد صرَّح بتقديم العتق والصيام على المماسة؛ لقوله تعالى: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا}⁣[المجادلة: ٣]، ويجب مثل ذلك أيضاً في الإطعام، من حيث إنه كفارة للظهار لا تزول الحرمة إلا بعدها؛ ولأنه لوقَدَّمَ المماسة على الإطعام لم يأمن أن يجد الرقبة أو يَقْدِرَعلى الصيام، فيكون قد قدم المماسة على الكفارة بهما، وذلك خلاف ما ورد به القرآن الكريم، فلم يجز.


(١) الشفاء ٢/ ٧٩، والاعتصام ٤/ ٢٤٩، والبخاري ٢/ ٨٩١ رقم ٢٣٨٢، والبيهقي ٦/ ٢٧٣.

(٢) الشفاء ٢/ ٣٤٧، وشرح التجريد ٣/ ١٧٥، ومسلم رقم ٥٣٧، وأبو داود رقم ٣٢٨٢، والبيهقي ٧/ ٣٨٨.