باب الإيلاء
  حَلَفْتُمْ}[المائدة: ٨٩]، وقال رسول الله ÷: «مَنْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ فَرَأَى غَيْرَهُ خَيْراً مِنْهُ فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْعَنْ يَمِيْنِه»(١). ولا شك أن الكفَّارة لا تجب إلا في اليمين بالله ø، واقتضت أيضاً أن مدة الإيلاء لا تكون أقل من أربعة أشهر، إذ لو كانت أقلَّ من أربعة أشهر لما صح تَرَبُّصُ أربعة أشهر. وقد روي عن أمير المؤمنين # أنه قال: الإيلاء هو القَسَمُ، وهو الحلف بالله، فإذا حلف الرجل أن لا يقرب امرأتَه أربعةَ أشهرٍ، أو أكثر من ذلك فهو مُولٍ، وإذا كان دون الأربعة الأشهر فليس بِمُولٍ(٢).
  مسألة: (فإذا انقضت الشهورالأربعة ثم رافعته الزوجة إلى الحاكم، خُيِّرَ بين أن يفيءَ إلى زوجته ويحنث، في يمينه ويكفرها(٣)، وبين أن يطلقها(٤)، ولم يعذر من أحد الأمرين). والأصل في ذلك الآية فإنها اقتضت أن الزوج مخير بين الفيء والطلاق بعد مضي المدة، من حيث عَقَّبَ المدة بذلك، فقال تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ٢٢٦ وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ٢٢٧}[البقرة: ٢٢٦ - ٢٢٧]، والفاء حرف للتعقيب؛ فكان التخيير ثابتاً بعد انقضاء المدة، وهذا يوضح أن الطلاق لا يقع بمضي المدة؛ لأنه لو وقع عند ذلك لما صح التخيير بين الفيء والطلاق. قلنا: ولم يعذره الحاكم من أحد الأمرين؛ لما في ذلك من وصول المرأة إلى
(١) الشفاء ٣/ ١٠٨، وأصول الأحكام، وشرح التجريد ٣/ ١٨٥ بلفظه، ومسلم رقم ١٦٥٠، وابن ماجه رقم ٢١٠٨، والبيهقي ٩/ ٢٣٢.
(٢) المسند ص ٣٣٢، وشرح التجريد ٣/ ١٨١، والشفاء ٢/ ٣٤٧.
(٣) لم توجب الشافعية عليه كفارة.
(٤) وعند أبي حنيفة تطلق بائنا إذا لم يفيءْ قبل المدة وعلل ذلك بأنه بمثابة قوله: إن لم أجامعك في المدة فأنت طالق.