باب القول في اللعان
  جَلْدَةً}[النور: ٤]، وهذا قاذف، لم يأت بأربعة شهداء، ولا لاعن، فاستحق حدَّ القاذف، وهذا إذ كان حراً، فإن كان مملوكاً جلد أربعين جلدة. ويدل على ذلك ما روي عن النبي ÷ أنه قال لهلال بن أمية لما قَذَفَ زوجتَه: «البَيِّنَةُ، أَوْجَلْدٌ في ظَهْرِكَ»(١). قلنا: وإن نَكَلَتِ الزوجة جُلِدَتْ وَرُجِمَتْ؛ وذلك لأن نكولها كالتصديق منها لزوجها في ما ألزمها إياه ورماها به، فيلزمُها الحدُّ الذي يتعلق بذلك، ولم يكن يسقط عنها إلاّ بالملاعنة، كما قال تعالى: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ}[النور: ٨]، فلما لم تلاعن استحقت حد الزاني المحصن، وهو الجلد والرجم. ويدل على ذلك ما روي عن النبي ÷ أنه قال لما وضعت امرأة هلال بعد الملاعنة: «لَولاَ كِتَابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَكَانَ لي فِيْهَا رأيٌ». قيل: وما الرأي؟. قال: «الرَّجْمُ بِالْحِجَارَةِ»(٢). فاقتضى بذلك أنه لولا لِعَانُها لرجمها؛ فإذا نكلت عن اللعان لزمها الرجم.
  مسألة: (فإذا فَعَلا ذلك، فرَّق الحاكِمُ بينهما(٣) ونفى الولدَ، فلم يثبت نسبُهُ بعد ذلك من الزوج). وذلك لما روي عن ابن عباس في لِعَانِ هلال بن أميةَ وامرأته أن رسول الله ÷ فرق بينهما وقضي أن لا يُدْعَى ولدُها لأب(٤)، وعن ابن عمر أن النبي ÷ فرق بين المتلاعِنَيْنِ، وأَلحَقَ الولدَ بأُمِّه(٥).
(١) شرح التجريد ٣/ ١٩٠، وأصول الأحكام، والشفاء ٢/ ٣٥٦، وفتح الباري ١٢/ ١٥٨، وابن ماجه رقم ٢٠٦٧.
(٢) شرح التجريد ٣/ ١٩٢، وأصول الأحكام، والشفاء ٢/ ٣٥٥، ومعناه في البيهقي ٧/ ٤٠٧.
(٣) قال الشافعي: تقع الفرقة بالفراغ من التلاعن.
(٤) شرح التجريد ٣/ ١٩٣، ١٩٤، وأصول الأحكام، والشفاء ٢/ ٣٦٠، والاعتصام ٣/ ٣٧٢، وأبو داود رقم ٢٢٥٦، والبيهقي ٧/ ٤٠٩.
(٥) شرح التجريد ٣/ ١٩٣، وأصول الأحكام، والشفاء ٢/ ٣٦٠، والاعتصام ٣/ ٣٧١، ومسلم رقم ١٤٩٤، والبيهقي ٧/ ٤٠٩.