باب القول في اللعان
  به من الزِّنى ونفي ولدي هذا، ثم تكرر ذلك أربعَ مرات، ثم تقول في الخامسة: إن غضب الله عليَّ إن كان من الصادقين). والأصل في ذلك ما روي أن هلال بن أمية(١) لما قذف زوجَته(٢) بالزنا بعث إليها النبي ÷ فقال: «أحَقٌّ مَا يَقُولُ زَوْجُكِ؟» فأنكرت ذلك؛ فنزلت آية اللعان، فأقامه النبي ÷ من بعد العصر على يمين المنبر، فقال: «يا هلال، إِيْتِ بالشهادة،» ففعل حتى قال: إن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين. ثم أقامها رسول الله ÷ مُقَامَهُ، فقال لها: «اشْهَدِي بِاللهِ مَا أَنْتِ بِزَانِيَةٍ». فقالت: أشهد بالله ما أنا بزانية، وإنه لمن الكاذبين، حتى قالت في الخامسة: إن غضب الله عليها إن كان من الصادقين؛ ففرق بينهما الرسول ÷ وقال: «لاَ تَجْتَمِعَانِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ»(٣). وقلنا: إن الحاكمَ يخوفُهما بالله تعالى ويحذرهما الإقدام على اللعان؛ لما روي عن النبي ÷ مِن وعظ المتلاعِنَيْنِ، فقال لهما: «إن الله يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ؟»، وقال للزوج: «اتَّقِ اللهَ». وكذلك قال للمرأة حتى قال لها: «إِن كُنْتِ أَذْنَبْتِ ذَنْباً في الدُّنْيَا، فَإِنَّ رَجْمَكِ بِالحِجَارَةِ أَهْونُ عَلَيْكِ مِنْ غَضَبِ اللهِ في الآخِرَةِ»(٤). وإنما قلنا: فإن نكل الزوج ضرب ثمانين جلدة، وهي حد القاذف؛ لَمَّا ثبت أنه قاذف، وقد قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ
(١) هلال بين أمية الأنصاري الواقفي شهد بدراً وأحداً، وهو قديم الإسلام، وكان يكسر أصنام بني واقف، وهو منها، وكان معه رايتهم يوم الفتح، وهو أحد الثلاثة الذين تخلفو عن غزوة تبوك. أسد الغابة ٥/ ٣٨٠، والاستيعاب ٤/ ١٠٣.
(٢) هي خولة بنت عاصم. انظر أسد الغابة ٧/ ٩٥، والإصابة ٤/ ٢٨٥.
(٣) شرح التجريد ٣/ ١٨٨، والشفاء ٢/ ٣٥٥، وأصول الأحكام، ومعناه في البيهقي ٧/ ٤٠٠.
(٤) شرح التجريد ٣/ ١٩٠، وأصول الأحكام، والشفاء ٢/ ٣٥٣، ومعناه في البيهقي ٧/ ٤٠٤.