باب السلم
  مسألة: (ولا يجوز السلم مُعَجَّلاً)؛ وذلك لقوله: «إِلَى أَجَلٍ مَعْلٌومٍ»، وظاهره يقتضي أن يكون مؤجلاً؛ لأن الحال لا يقال فيه: إنه يجب إلى أجل معلوم؛ فاقتضى ذلك كَوْنَ التأجيل فيه شرطاً.
  مسألة: (ولا يجوز أن يبيع المسلم فيه، ولا أن يستبدل به شيئاً آخر قبل قبضه)(١)، والأظهر أنه إجماع، ووجهه أنه يكون بيعاً قبل قبضه، وقد ذكرنا أن بيع الشيء قبل قبضه لا يجوز، وقد روي عن أمير المؤمنين # أنه قال: «من أسلم في طعام إلى أجل فلم يجد عند صاحبه ذلك الطعام، فقال: خذ عني غيره بسعر يومه لم يكن له أن يأخذ إلا الطعام الذي أسلم فيه أو رأس ماله، وليس له أن يأخذ نوعاً من الطعام غير ذلك النوع»(٢).
  مسألة: (ولا يجوز السلم فيما يعظم فيه التفاوت، كالحيوان والجواهر واللآلي وما أشبه ذلك). أما السلم في الحيوان فإنما لم يجز لِمَا روي في خبر السلم من قول النبي ÷: «مَنْ أَسْلَمَ فَلْيُسْلِمْ في كَيْلٍ مَعْلوُمٍ، أو وَزْنٍ مَعْلُومٍ، إِلى أَجَلٍ مَعْلُومٍ». والحيوان لا يتأتى فيه الكيل، ولا الوزن؛ فلم يجز في ما لا يكال ولا يوزن. وإنما ألحقنا بذلك المذروع والمعدود؛ لأنه مما يُضْبَطُ بالصفة، ولا يتفاوت التفاوت العظيم، وروي عن عمر بن الخطاب أنه قال: «إن من الربى أبواباً لا تخفى على الله، منها السلم في السِّن»(٤)،(٥) ولم ينكر
(١) أجاز الشافعي أن يشتري به ما شاء.
(٢) المسند ص ٢٧٨ - ٢٧٩، وشرح التجريد ٤/ ١٢١، والاعتصام ٤/ ١١٣.
(٣) أجازته الشافعية.
(٤) يعني الدقيق والدواب وغيرهما من الحيوان. النهاية في غريب الحديث ٢/ ٤١٢.
(٥) شرح التجريد ٤/ ١٢٢ عن ابن عمر، ومثله في أصول الأحكام.