شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب الشفعة

صفحة 209 - الجزء 1

  في كل شيء يملك⁣(⁣١) على عوض من المال؛ لأن ما يملك على غير عوض، كالهبة والصدقة، لا تثبت فيه الشفعة، وما يملك على عِوَضٍ ليس بمال، كالمهر والصلح عن دم العمد وما جرى هذا المجرى، لا شفعة فيه⁣(⁣٢)؛ لأن الشفعة لا تُستحق إلا بمثل العوض عليها أو قيمته، وذلك يوجب أن لا تستحق إلا إذا كان على عوض من مال.

  مسألة: (وهي تُسْتَحَقُّ⁣(⁣٣) بأربعة أشياء: أحدها: الشركة في نفس المبيع). ولا يظهر فيه خلاف بين العلماء؛ وذلك لقوله ÷: «الشَّرِيْكُ شَفِيْعٌ». وهي تستحق على عدد الرؤوس لا على مقادير السهام؛ لأن كل واحد منهم شريك، فهو يستحق الشفعة لو انفرد. فإذا اجتمعوا استحقوها على سواء كالبنينَ من الأولاد فإن كلَّ واحد منهم لما كان مستحقاً للمال عند انفراده استحقوه على سواء عند الاجتماع.

  مسألة: (والثاني: الشركة في الشرب)، ومعناها أن يكون بين الأرض المبيعة وبين غيرها مشاركة في شرب من نهر أو بئر وما يجري هذا المجرى، فإن ذلك تستحق به الشفعة؛ وأصله قوله: «الشَّرِيْكُ شَفِيْعٌ»، وقوله ÷: «الشُّفْعَةُ في كِلِّ شِرْكٍ وَحَائِطٍ، لا يَصْلحُ لشَّرِيْكِ أَنْ يَبِيْعَ حَتَّى يُؤْذِنَ شَرِيكَهُ، فَإِنْ بَاعَ فَهُوَ أَحَقُّ بِه»⁣(⁣٤). والشريكان في ذلك متساويان في استحقاق الشفعة وإن تفاوتا في الشرب فكان لأحدهما أكثر من الآخر؛ لمثل ما تقدم.


(١) وعند الشافعية لا تثبت الشفعة إلا فيما يقسم.

(٢) وعند الشافعية تجب الشفعة ولو على المهر والصلح وغيرهما مما كان على عوض.

(٣) عند الشافعية لا شفعة إلا بالخلطة.

(٤) الأمالي ٢/ ١٢٩٥، وشرح التجريد ص ١٣٤، وأصول الأحكام، والشفاء ٣/ ٥، والاعتصام ٤/ ١٢٣، وأبو داود رقم ٣٥١٣، والبيهقي ٦/ ١٠٩، والنسائي رقم ٦٢٤٢، و مسند أحمد رقم ١٤٤٤٣، ومسلم رقم ١٦٠٨.