شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب الشفعة

صفحة 210 - الجزء 1

  مسألة: (والثالث: الشركة في الطريق)، ومعناها أن يكونَ زقاقٌ لا منفذ اله، وفيه دُور، ثم بيعت واحدة منها؛ فإن للشركاء في تلك الطريق الشفعة؛ ودليل ذلك ما تقدم من الأخبارالمثبتة للشفعة لكل شريك، وهذا شريك في الطريق فثبتت له الشفعة؛ ولما روي عن النبي ÷ أنه قال: «الْجَارُ أَحَقُّ بِشُفْعَةِ جَارِهِ، يَنْتَظِرُ بِهَا وَإِنْ كَانَ غَائِباً إِذَا كَانَ طَرِيقُهُمَا وَاحِداً»⁣(⁣١). ولا فرق بين أن يكون حق أحدهما في الطريق أكثر من صاحبه، بأن يكون له بابان إلى داره في ذلك الزقاق وللآخر باب واحد، أو يكونا متساويين، فإن استحقاقهما للشفعة على سواء؛ لمثل ما تقدم من أن كل واحد منهما لو انفرد لاستحقها جميعاً، فكذلك إذا اجتمعا تساويا.

  مسألة: (والرابع: الجوار الملاصق): وهو الذي لا يكون بينه وبين الدار المبيعة حائل. والأصل في ذلك ما روى عمرو بن الشريد⁣(⁣٢) عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله إن لي أرضاً ليس لأحد فيها شرك ولا قسم إلا الجوار، فقال ÷: «الْجَارُ أَحَقُّ بِصَقَبِه»⁣(⁣٣). ومعنى الصقب: الجار الملاصق. فأما الجار الذي لا يلاصق فلا خلاف في أنه لا شفعة له.


(١) شرح التجريد ٤/ ١٣٥، وأصول الأحكام، والاعتصام ٤/ ١٣٥، ومسند أحمد رقم ١٤٢٩٢، والترمذي رقم ١٣٦٩، وأبو داود رقم ٣٥١٨، وابن ماجه رقم ٢٤٩٤، وشرح معاني الآثار ٤/ ١٢٠، ونصب الراية ٤/ ١٧٣، وعبد الرزاق ٨/ ٨١.

(٢) ابن سويد الثقفي أبوالوليد الطائفي حجازي، تابعي، روى عن جمع من الصحابة منهم بن عباس، وسعد بن أبي وقاص وعن أبي رافع وعن أبيه. تهذيب الكمال ٢٢/ ٦٣، وطبقات ابن سعد ٥/ ٥١٨، والجرح والتعديل ٦/ ٢٣٨.

(٣) شرح التجريد ٤/ ١٣٥، وأصول الأحكام، والشفاء ٣/ ٥، والاعتصام ٤/ ١٢٦ بلفظ: «الجار أولى بصقبه»، والبخاري رقم ٦٥١٦ وما بعده، والدار قطني ٤/ ٢٢٤، والترمذي رقم ١٣٧٠ بلفظ: «الجار أحق بسقبه»، ومثله في سنن أبي داود رقم ٣٥١٦، وابن ماجه ٣٤٩٥.