باب المزارعة
  مسألة: (والفاسدة: هو أن يسلم أرضه على أن يزرعها الزارع بنصف ما يحصل من الثمرة، أو ثلثه أو ربعه أو غير ذلك، فإنها فاسدة؛ لما تضمنته من الجهالة، فإن تراضيا بذلك نفذ، وإن تنازعا كان الزرع للزارع، ولصاحب الأرض كراء أرضه، وللعامل أجرة مثله). وإنما فسدت هذه المزارعة لأن الأجرةَ فيها مجهولةٌ؛ لأنه لا معرفة لهم بما يحصل من الثمرة، وهذه هي المخابرة. وقد روي عن زيد بن ثابت أنه قال: نهى رسول الله ÷ عن المخابرة(١). والمخابرة(٢): هي المزارعة على النصف أوالثلث. قلنا: فإن تراضيا بذلك نفذ؛ لأنه يكون على وجه الصلح، وقد قال ÷: «الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِيْنَ»(٣). قلنا: وإن تنازعا كان الزرعُ للزَّارع، وهو الذي كان له البذر، فإن كان البذر لصاحب الأرض كان الزرع له، وعليه للعامل أجرةُ مثله؛ لأنها إجارةٌ فاسدةٌ، والأجير يستحق في الإجارة الفاسدة أجرة مثله إذا سلم العمل، وإن كان البذرللعامل كان الزرع له وعليه كراء الأرض لصاحبها؛ لأنه زرع الأرض بإجارة فاسدة فلزمه أجرة مثلها. وإن كان البذر بينهما كان الزرع لهما على مقدار البذر، ويكون لصاحب الأرض على العامل كراءُ الأرض بمقدار سهمه من الزرع، وللعامل على صاحب الأرض أجرة مثله فيما يختص صاحب الأرض من الزراعة. والوجه فيها ما تقدم أنها إجارةٌ
(١) شرح التجريد ٤/ ١٧٨، و الشفاء ٣/ ٢٥، والاعتصام ٤/ ١٥٤، والبخاري رقم ٢٢٥٢، ومسلم رقم ١٥٣٦، وأبو داود رقم ٣٤٠٧.
(٢) وأجازها مالك.
(٣) شرح التجريد ٤/ ١٨٠، والشفاء ٣/ ٣٥، والترمذي رقم ١٣٥٢، وأبو داود رقم ٣٥٩٤، وابن ماجه رقم ٢٣٥٣.