شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب الضمان والكفالة

صفحة 231 - الجزء 1

  على أبي قَتَادَةَ ويقول: «هما عليك». فكان النبي ÷ إذا لقي أبا قتادة قال: «ما صَنَعْتَ بِالدِّينَارَينِ؟» حتى قال آخِرَ ذلك: قد قضيتهما يا رسول الله. فقال: «الآنَ بَرَّدتَ عَلَيْهِ؛ جِلْدَتَهُ»⁣(⁣١). فصار ذلك أصلاً في صحة الضمان، ولزوم الحقِّ للضامن. قلنا: ولصاحب الحق أن يطالبَ به من شاء منهما؛ لما في خبر أبي قتادة من قوله: «الآنَ بَرَّدتَ عَلَيْهِ؛ جِلْدَتَهُ»؛ فدل ذلك على أن المضمون عنه لا يبرأ بنفس الضمان.

  مسألة: (وليس للضامن أن يسقط الحق عن نفسه إلا بدفعه، أو ببراءة صاحب الحق له، أو للمضمون عنه)؛ وذلك لأنه حق ثابت لا يسقط إلا بإسقاط صاحبه أو تسليمه إليه كسائر الديون. وقلنا: أو للمضمون عنه؛ لأنه متى أُبْرِئَ المضمون عنه برئ الضامنُ؛ لأن ثبوت الضمان متعلق بثبوت الحق، بدليل أنه لو لم يكن له عليه حق لم يصح الضمان، فإذا سقط الحق عن الأصل بطل الضمان كما في الرهن، فإنه يسقط حق الحبس فيه بسقوط الدين.

  مسألة: (وإذا أُبرئ صاحب الحق المضمون عنه برئ الضامن تبعاً له، وإذا أبرئ الضامن لم يبرأ المضمون عنه). أما إذا أُبرئ المضمون عنه برئ الضامن؛ فلما ذكرنا أن الضمانَ صح؛ ولزم لثبوت الحق على المضمون عنه، فإذا سقط الحق الذي عليه سقط الضمان به. وأما إذا أُبرئ الضامن لم يبرأ المضمون عنه؛ فلأن حق الضمان الصاحب الدين، فهو تابع لوجوب الدين،


= في خلافة علي بالكوفة، وهو ابن سبعين سنة، وصلى عليه علي. انظر أسد الغابة ٦/ ٢٤٤، والإصابة ٤/ ١٥٧، والاستيعاب ٤/ ٢٩٤، والطبقات الكبرى ٦/ ١٥.

(١) شرح التجريد ٦/ ١٥٩، والشفاء ٢/ ٢٦١، والاعتصام ٤/ ٢٩٧، والبيهقي ٦/ ٧٤، والدار قطني ٣/ ٧٩، ومسند أحمد رقم ١٤٥٧٦، والمستدرك ٢/ ٦٦ رقم ٢٣٤٦.