باب الوكالة
  فإذا سقط التابع لم يسقط الأصل؛ لأن ثبوت الأصل لم يكن متعلقاً بثبوت الضمان، فإنه كان ثابتاً قبله فلا يزول بزواله، بخلاف الضمان، فإنه حق لم يثبت من قبل؛ لأنه كان تابعاً للأصل، فإذا بطل الأصل بطل التابع.
  مسألة: (وإذا دَفَعَ الضامِنُ ما ضمن به من الحق، رَجَع به علي الْمَضْمُونِ عنه إن كانت الضمانة بإذنه، وإن كانت بغير إذنه لم يرجع عليه بشي). أما إذا ضمن بإذنه ثم وفَّى فله الرجوعُ؛ لأنه في الحكم كمن استقرض ذلك منه، أو كمن قال لغيره: اشترِلي هذا العبدَ بمائةٍ ووفِّهَا من عندك، فكأنه قال: وَفّهِ؛ ليكون لَكَ عليَّ مِثلُه. وهو إذا أمره بالضمان الموجب للحق فكأنه أمره بتسليم الحق، فكان له الرجوع به. وأما إذا ضمن عنه بغير إذنه فإنه يكون متبرعاً بما دفعه عنه، فلا يكون له الرجوع به.
بابُ الوكالة
  مسألة: (والوكالةُ جائزةٌ إذا وقعت ممن يجوز تصرفه، لمن يجوز منه التصرف فيما وُكِّل فيه: من بيع وشراء، ونكاح، وطلاق، وخصومة، وإقرار، وغير ذلك)، ولا خلاف يظهر بين العلماء في صحة الوكالة على الجملة. والأصل فيها ما روي عن النبي ÷ أنه أمرعُرْوَةَ البارقي بشراء الشاة على ما تقدم. وكذلك روي أنه أَمَرَ حكيم بن حزام(١) يشتري أضحية،
(١) ابن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشي الأسدي، يكنى أبا خالد. ابن أخي خديجة زوج النبي ÷ وابن عم الزبير بن العوام. ولد في الكعبة قبل الفيل بثلاث عشرة سنة على اختلاف في ذلك، وكان من أشراف قريش في الجاهلية والإسلام. أسلم عام الفتح. توفي في المدينة سنة ٥٤ في خلافة معاوية، وقيل ٥٨ هـ. انظر أسد الغابة ٢/ ٥٨، والاستيعاب ١/ ٤١٧، والإصابة ١/ ٣٤٨، وتاريخ البخاري الكبير ٣/ ١١، والجرح والتعديل ٣/ ٢٠٢.