شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب الوكالة

صفحة 233 - الجزء 1

  وهذا هو الوكالة، فكان هذا أصلاً في صحة الوكالة وثبوتها في كل ما يصح من الموكِّل أن يتولاه بنفسه من المعاملات والتصرفات التي قدمنا ذكرها. وإنما اعتبرنا أن يكون الْمُوَكِّلُ والوَكِيل ممن يجوز تصرفه؛ لأن تصرف الطفل والمجنون ومن جرى مجراهما ممن هو ممنوع من التصرف لا يصح، فلم يجز أن يوكِّلَ ولا أن يتوكَّلَ؛ لأنه لا هداية له إلى معرفة المصلحة من غيرها.

  مسألة: (ولا يجوزللوكيل أن يخالف موكِّلَهُ في شيء من ذلك)، وذلك لأنه يتصرف لغيره؛ فوجب أن يكون تصرفه بحسب ما يأمره به ذلك الغير، أو يرضى به، فإن تعدى في ذلك لم يلزم مُوَكِّلَهُ ما تعدى فيه، كما لا يلزمه شيء من تصرفاته قبل توكيله.

  مسألة: (وكل ما لزم الوكيلَ في ذلك من حق، لزم مُوَكِّلَهُ)، ولا خلاف في ذلك، وروي عن أمير المؤمنين # أنه وكَّل الخصومة إلى عبدالله ابن جعفر⁣(⁣١)، وقال: «ما قُضِيَ له فلي، وما قضي عليه فعلي». وقد كان قبل ذلك وكَّل الخصومة إلى عقيل بن أبي طالب حتى توفي |(⁣٢).

  مسألة: (وللموكل أن يعزل وكِيلَهُ متى شاء عزله)، والمراد به إذا لم يكن وكله في وجه الخصم، ولا يظهر خلاف في ذلك. ووجهه أن التوكيل حقُّ للموكِّل، فكان له إبطالُه متى شاء كسائر حقوقه. فأما إذا كان قد وكَّله في وجه


(١) ابن أبي طالب. له صحبة، أمه أسماء بنت عميس الخثعمية، ولد بأرض الحبشة عندما هاجر أبواه إليها، كان كريما جواداً حليما وكان يسمى بحر الجود. توفي سنة ثمانين عام الجحاف بالمدينة، وسمي بعام الجحاف؛ لأنه جاء سيل عظيم ببطن مكة جحف الحاج وذهب بالإبل عليها أحمالها. أسد الغابة ٣/ ١٩٩، والاستيعاب ٣/ ١٧.

(٢) المسند ص ٢٩٠، وشرح التجريد ٦/ ١٤٩، والشفاء ٣/ ٢٥٥، وأصول الأحكام، والبيهقي ٧/ ٨١.