شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب الهبات

صفحة 236 - الجزء 1

  عَاريَةٌ مَضْمُونَةٌ»⁣(⁣١)، فلو لم يكن الضمان يلزم بالشرط لكان ذلك تغريراً منه ÷، وذلك لا يجوز. فأما ضمانها بالتعدي فالأظهر أنه إجماع، ووجهه ما روي عن النبي ÷ أنه قال: «العَارِيَةُ مُؤَدَّاةٌ»⁣(⁣٢). وهذا تبيين لزوم تأديتها، فإذا تعدّى فيها لم يؤدها، ورُوي عن أمير المؤمنين # أنه قال: «لا ضَمَانَ عَلَى مُسْتَعِيرٍ إلا أَنْ يُخَالِف»⁣(⁣٣). وأما أنه لا يضمنها إلا بأحد هذين الأمرين؛ فَلِمَا ثبت من الإجماع على أنه لو استعار ثوباً فلبسه حتى يبلي فإنه لا ضمان عليه، ولو كانت مضمونة على كل حال ضمن هذا الثوب.

بابُ الهبات

  مسألة: (الهبةُ لاتصح إلا بإيجاب وقبول في المجلس، وليس من شرط صحتها القبضُ⁣(⁣٤)). اعتبارالإيجاب والقبول في المجلس فالأظهرأنه إجماع. ووجهه أنه قد عَقْدُ تمليكٍ في حال الحياة، فوجب أن يُعتَبَرَ فيه الإيجابُ والقبولُ في المجلس كسائرِعقودِ التَّمليك في البيع والإجارة. وإنما قلنا: ليس من شرط صحتها القبضُ؛ لما روي عن النبي ÷ أنه قال: «العَائِدُ في هِبَتِهِ كَالعَائِدِ فِي قَيْئِه»⁣(⁣٥)،


= وأعطاه رسول الله ÷ من الغنائم خمسين بعيراً. وكان من المؤلفة قلوبهم وحسن إسلامه. انظر أسد الغابة ٣/ ٢٤، والإصابة ٢/ ١٨١، والطبقات الكبرى ٥/ ٤٤٩.

(١) شرح التجريد ٤/ ٢٧٤، وأصول الأحكام، والأحكام ٢/ ٢٠٣، والشفاء ٣/ ٥١، والاعتصام ٤/ ١٩٩ - ٢٠٠، والبيهقي ٦/ ٨٩، وأبو داود عن أمية بن صفوان بن أمية عن أبيه رقم ٣٥٦٢، والدار قطني ٣/ ٣٩.

(٢) شرح التجريد ٤/ ٢٧٣، وأصول الأحكام، والشفاء ٢/ ٥١، والاعتصام ٤/ ٢٠٠، والترمذي رقم ١٢٦٥، وأبو داود رقم ٣٥٦٥، والبيهقي ٦/ ٨٨.

(٣) تقدم.

(٤) عند الحنفية القبض من شروط صحتها.

(٥) شرح التجريد ٤/ ٢٤٧، والشفاء ٣/ ٥٥، وأصول الأحكام، والبخاري رقم ٢٤٧٨، ومسلم رقم ١٦٢٢، وأبو داود رقم ٣٥٣٨، وابن ماجه رقم: ٢٣٨٥.