باب العمري والرقبى
  مُخَاصِمٍ، وَلاَ تُضَيِّفْهُ دُوْنَ خَصْمِهِ»(١). وأما من أخذ العطيةَ على فعل ما يلزمه، أو تركِ ما يَحْرُمُ عليه؛ فإنما لم يجز ذلك لأنه أَخَذَه من وجه محظور؛ لأن القيام بالواجب لازم له، وكذلك الامتناع من القبيح على كل حال، فإذا امتنع مما يلزمه إلا بدفع شيء فقد مَلَكَهُ من وجه محظور محرم عليه، ولزمه صرفه إلى بيت المال. وأصله خبر الشاة المشوية التي قدمت إلى النبي ÷ فتناول منها لقمة فلم يُسِغْهَا، فسأل عنها، فأُخبِرَ أنها أُخِذَتْ بغير رضا صاحبها وذبحت وشويت؛ فأمر بها فأُطْعِمَتِ الأُساري؛ فصار ذلك أصلاً فيما مُلِكَ من وجه محظور، فإنه يصرف إلى بيت المال؛ لأنَّ نَفَقَةَ الأُساري كانت يومئذ من بيت مال المسلمين.
بابُ العُمْرَي والرُّقْبَى(٢)
  مسألة: (ومعناهما واحد: وهو أن يقولَ الرجلُ لغيره: قد أعمرتُك هذا الشيءَ أو أرقبتُك). والأصل فيهما ما روي عن النبي ÷ أنه قال: «لا عمروا ولا تقبوا؛ فمن أغير شيئا أو أرتيبه فهو للوارث إذا مات».
  مسألة: (فإن أطلقهما ولم يُوقِّتْهُمَا فهما كالهبة، ويقع بهما الملك)؛ وذلك لما روي عن النبي ÷ أنه قال: «أَيُّمَا رَجُلٍ أُعْمِرَعُمْرَى لَهُ وَلِعَقِبِهِ فَإِنَّها لِلَّذِي يُعْطَاهَا؛ لأَنَّهُ أَعْطَى عَطَاءٍ وَقَعَتْ فِيهِ الْمَوَارِيثُ»(٤). وكذلك ما روي
(١) شرح التجريد ٦/ ٧٣، وأصول الأحكام، والبيهقي ١٠/ ١٣٧، و تلخيص الحبير ٤/ ١٩٣.
(٢) عند أبي حنيفة لا تجوز الرقبى.
(٣) شرح التجريد ٤/ ٢٥٩، والشفاء ٣/ ٦٥، وأصول الأحكام، والاعتصام ٤/ ٢١٩، والبيهقي ٦/ ١٧٥، ومعاني الآثار ٤/ ٩٣، و نصب الراية ٤/ ١٢٨.
(٤) شرح التجريد ٤/ ٢٦٠، وأصول الأحكام، والشفاء ٣/ ٦٥، والاعتصام ٤/ ٢١٩، و مسلم رقم ١٦٢٥، =