باب الصدقة
  تكونَ الهبةُ معلومةً كذلك الصدقة، وقد روي عن أميرالمؤمنين # أنه قال: لا تجوزُ هبةٌ ولا صدقةٌ حتى تكونَ مقبوضةً معلومةً.
  مسألة: (والثاني: صدقة لا يُملَكُ أصلُها ويقع الملك في منافعها وهي الموقوفة، ولا بد فيها من أن يقول المتصدق: وقفتُ، أَو حَبَّسْتُ، أو ما جرى هذا المجرى، ويذكر ما تُصْرَفُ إليه غَلاتها ومنافعها، ولا تحتاج هذه إلى قبول، وتجوز في كل ما يكون قربة إلى الله تعالى، ولا يجوز في غيرالقُرَبِ). والأصل في ذلك ما روي أن عمر بن الخطاب استشار رسول الله ÷ بمالٍ له ذَكَرَ موضعه، فقال ÷: «تَصَدَّقْ بِهِ، يُقْسَمُ ثَمَرُهُ، وَيُحْبَّسْ أَصْلُهُ، لا يُبَاعُ وَلا يُوْهَبُ». قلنا: ولا بُدَّ من أن يقول المتصدق: وقفت أو حبست؛ لما روي عن النبي ÷ أنه قال لِعُمَرَ: «يُقْسَمُ ثَمَرُهُ، وَيُحَبَّسُ أَصْلُهُ». وقال: ÷ «أَمَّا خَالِدٌ فَوَقَفَ أَدْرَاعَهُ وَأَفْرَاسَهُ فِي سَبِيْلِ اللهِ»(٢)؛ وذلك يدل على صحة لفظ الحبس ولفظ الوقف. قلنا: وما جرى مجرى هذين اللفظين، فإنه يقوم مقامهما مثل قوله: سَبَّلْتُ، أَو أَبَّدْتُّ، أَو حَرَّمْتُ، أَو تَصَّدَّقْتُ صدقةً مؤبَّدَةٍ؛ فإنَّ ذلك يراد به الوقفُ ويفيد ما يفيد قوله: وقفتُ. قلنا: ويذكر ما يُصْرَفُ إليه غلاتها ومنافعها؛ لما في خبر عمر من قوله ÷: «يُقَسَّمُ ثَمَرُهُ». وفي خبر آخر: «يَتَصَدَّقُ بِها عَلَى الفُقَرَاءِ وَذَوِي القُرْبَي»(٣). وإن لم يذكر مصرف الوقف في الحال جاز أن يذكر من بعد، وإن لم يُبَيِّنْ له مصرفاً صُرِفَ
(١) المسند ص ٢٨٨، وشرح التجريد ٤/ ٢٤٧، وأصول الأحكام، والشفاء ٣/ ٥٦.
(٢) شرح التجريد ٤/ ٢٦٨، وأصول الأحكام، والشفاء ٣/ ٦٨، والاعتصام ٤/ ٢٣٠ والبخاري رقم ١٣٩٩ بلفظ: «أما خالد فقد احتبس أدراعه و أعتاده في سبيل الله».
(٣) شرح التجريد ٤/ ٢٦٦، والبيهقي ٦/ ١٥٨، والدار قطني ٤/ ١٨٨.