شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب الصدقة

صفحة 245 - الجزء 1

  إلى الفقراء؛ وذلك لأن إطلاق الوقف من جهة العرف يقتضي الوقفَ على الفقراء والمساكينِ، فوجب صرفُه إلى ذلك. ويدل عليه ما في الخبر من قوله ÷: «يَتَصَدَّقُ بِهَا عَلَى الفُقَرَاءِ». قلنا: ولا تحتاج هذه إلى القبول؛ لأنها إزالةُ ملك على وجه القرية، فوجب أن تصح من دون القبول كالعتق.

  قلنا: ويجوز في كل ما يكون قربةً إلى الله تعالى، ولا يجوز في غير القربات؛ وذلك لما في الخبر من قول النبي ÷: «أَمَّا خَالِدٌ فَوَقَفَ أَدْرَاعَهُ وَأَفْرَاسَهُ فِي سَبِيْلِ اللهِ». وقوله ÷ لعمر: «تَصَدَّقْ بِها فِي الفُقَرَاءِ وَذَوِي القُرْبَي»، وهذا في ذكر أرض الوقف، وهذا هو الأصل في بيان الوقف وأحكامه، فكان مقصوراً على القربات؛ ولأن كلَّ من وقف شيئاً من الصحابة ¤ جَعَل مصرفه في القربات دون غيرها؛ فوجب قصره عليها.

  مسألة: (ويصح الوقفُ مؤبَّداً وغيرَمؤبد، ولا يخرج بانقضاء المدة من أن يكون وقفاً، وتعود منافعُه بعد انقضاء مدة ما جعله وقفاً عليه، أو بعد انقطاع مصرفه إلى الواقف إن كان حياًّ، وإلى ورثته إن كان ميتاً). أما المؤبَّد فهو نحو أن يقول: وقفتُ هذا أبداً، أو على الفقراء أبداً. وأما غيرُالمؤبَّدِ؛ فنحو أن يقفه إلى مدة معلومة كالسَّنَةِ وما زاد عليها أو نقص عنها، فإنه يكون وقفاً على الأحوال كلِّها؛ وذلك لما روي عن النبي ÷ أنه قال لِعُمَرَ في أرض الوقف: «حَبِّسْ أَصْلَهَا وَسَبِّلْ ثَمَرَهَا»، ولم يفصل بين المطلقة والمؤقتة. قلنا: وتعود منافعه بعد انقضاء مدة ما جعله وقفاً عليه، أو بعد انقطاع مصرفه إلى الواقف إن كان حياًّ، أو إلى ورثته إن كان ميتاً؛ وذلك لما روي أن رجلاً من الأنصار وَقَفَ حائِطاً له، وجعل أمره إلى النبي ÷ فجعله رسولُ الله ÷