شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب القرض

صفحة 247 - الجزء 1

بابُ القرضِ

  مسألة: (القرضُ ضربانِ: صحيحٌ وفاسدٌ. فالصحيح: قَرْضُ ماهو معلوم من ذوات الأمثال)، كالمكيل والموزون. والأصل في القرض ما روي عن النبي ÷ أنه قال: «مَنْ أَقْرَضَ قَرْضاً كَاَن لَهُ مِثْلُهُ كُلَّ يَوْمٍ صَدَقَةً»⁣(⁣١). ولا إشكال في صحة القرض الذي هذا حاله، والأظهر أنه إجماع.

  مسألة: (والفاسدُ: ما لم يكن من ذوات الأمثال، أوكان منها ولكنه غيرُ معلومٍ). وإنما كان هذا فاسداً؛ للجهالة الواقعة فيه، فإنه مما لا يُعلم قَدرُه فَيُرَدُّ مثلُه.

  مسألة: (ويجب في الصحيح قضاءُ مثله، وفي الفاسد ردُّه بعينه إن كان قائماً، أو رد مثله أو قيمته إن كان مستهلكاً). أما وجوب رد المثل في الصحيح فممَّا لا يظهر فيه خلاف بين العلماء؛ ولأنه مضمون عليه، فوجب عليه رد مثله كسائر المضمونات. وأما الفاسد فإنما لزم رده بعينه إن كان باقياً؛ لأن القرض لَمّا لم يصح بقي على ملك الْمُقْرِضُ، فلزمه ردُّه إليه وإن كان استهلكه رد مثله إن كان من ذواتِ الأمثال، أو قيمتة إن كان من ذات القيم؛ لأنه ضامن لما استهلكه منه، وقد ثبت أن ضمان ذوات الأمثال بتسليم المثل، وضمان ذوات القيم بتسليم القيمة، ولا يظهر في ذلك خلاف بين المسلمين.

  مسألة: (وإن لم يكن له مثل، أو ليس بمعلوم تَحَرَّيا واصطلحا فيه على ما يريان، فإن تنازعا كان على مدعي الفضل البينةُ، وعلى المنكراليمين). وإنما قلنا: بالصلح فيما لم يكن معلوماً؛ لأنه لا طريق إلى خلاص أحدهما


(١) المسند ص ٢٠٠، وابن ماجه رقم ٢٤٣٠ بلفظ: «ما من مسلم يقرض مرتين إلا كان كصدقتها مرة».