باب الغصب
  إلى الفقراء؛ لما تقدم. قلنا: ولا يخرج عن الضمان إلا بذلك؛ لأنَّ الْخَبَرَاقتضي كونَه ضامناً، فلم يَزُلِ الضمان عنه إلا بما يقتضي زوالَهُ من هذين الوجهين.
  مسألة: (وإذا تَلِفَ في يَدِهِ ضَمِنَهُ، سواء كان تَلَفُه بجناية منه أو بغير جناية)؛ وذلك لما تقدم من قوله ÷: «عَلَى اليَدِ؛ ما أَخَذَتْ حَتَّى تَرُدَّ»؛ فأوجب الضَّمانَ، ولم يفصل بين أن يكونَ باقياً أو تالفاً، ولا بين أن يكون تلفه بجناية أو بغير جناية.
  مسألة: (فإن كان من ذوات الأمثال ضمن مثلَهُ، وإن كان من ذوات القيم ضمن قيمته)؛ وذلك لقوله تعالى: {اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}[البقرة: ١٩٤]، فأوجب سبحانه أخْذَ الْمِثْلِ في ضمان العدوان، والْمِثْلُ قد يكون من جهة الصورة: وهو مالا يتفاوت أو لا يعظم التفاوت فيه كالمكيل والموزون، فإن كان من ذلك وجب عليه مثلُهُ متى وُجِدَ؛ لأنه المثل الحقيقي، ومتى لم يوجد له مثل، أو كان مما لا مثل له وجبت فيه القيمة التي هي مثل من طريق المعنى؛ لأن المنفعة بها تقوم مقام المنفعة به، وهذا امتثال للخطاب الموجب للضمان بقدر الإمكان. ومما يدل على وجوب القيمة في ذوات القيم ما روي عن النبي ÷ أنه أوجب على من أعتق عبداً بينه وبين غيره ضمانَ قيمةِ نصيبِ شريكه ولم يوجب عليه نصفَ عبد(١)؛ فاقتضي ذلك أن من استهلك لغيره شيئاً من ذوات القيم بغير إذنه ضمن قيمة ما استهلكه.
(١) ومما يزيد ذلك وضوحاً قول النبي ÷: «من عتق نصيباً له في عبد كلف ما بقي» وروي بلفظ: «كلف أن يتم عتقه». شرح التجريد ٥/ ١٢، ويشهد له ما روي عن النبي ÷ أنه قال: «من أعتق شركاً له في عبد، فكان له مال يبلغ ثمن العبد، قُوِّمَ العبد قيمة عدل، فأعطي شركاءه حصصهم وعتق =