شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب الغصب

صفحة 252 - الجزء 1

  مسألة: (فإن أحدث الغاصبُ فيه حدثاً نحو كسر العود أو خرق الثوب [وما جرى هذا المجرى] فإن صاحبه يأخذه ويأخذ الأرش)؛ وذلك لأنه ضامن له، وواجب عليه رده بحاله، فلما تعذر ذلك، لزمه الأرش الذي هو قيمة ما تلف منه على ما بينا في وجوب القيمة، وهذا إذا كانت الجناية قد نَقَّصَتْهُ النصف من القيمة فما دون ذلك، وذلك ظاهر من المذهب. فإذا كانت أذهبت أكثرَمن نصف القيمة فعلى ما يقتضيه مذهب الهادي #(⁣١) يكون صاحب ذلك الشيء مخيراً بين أخذه وأخذ الأرش، وبين أخذ القيمة من الغاصب ويترك ذلك الشيء له؛ ووجه ذلك أن معظم منافعه إذا ذهبت صار كذهاب الجميع فلزمه جميع القيمة متى اختار المغصوبُ منه أخذها.

  فصل: فإن كان ما أحدثه الغاصبُ ما يتعلق غرض الناس به في الانتفاع، نحو ذبح الشاة أو قطع الثوب قميصاً، ثم جاء صاحبُه فله الخيار بين أن يأخذ ما هو له بحاله بغير أرش، وبين أن يضمن الغاصبُ قيمتَه صحيحاً؛ وذلك أنه إذا اختارأَخْذَهُ على حاله دل ذلك على أنَّ غرضه قد تعلق به فلا يلزم له ضمان شيء تعلق غرضه به، بخلاف من مزَّق الثوب، أو كسر العود؛ لأن ذلك فسادٌ لا يتعلق به غرضٌ، ومتى اختار أخذَ قيمته كان له ذلك؛ لأنه يدل ذلك على أن غرضه لم يتعلق بما أحدثه الغاصب فيه فتكون جنايته قد فَوتت أكثرالغرض المتعلق به فكان له ردُّه وأخذ قيمته. وعند المؤيد بالله قدس


= عليه، وإلا فقد عتق منه ما عتق». أخرجه البخاري رقم ٢٣٨٦، ومسلم رقم ١٥٠١، والبيهقي ٦/ ٩٥، وموطأ الإمام مالك ٢/ ٧٧٢ رقم ١٤٦٢، وتلخيص الحبير ٤/ ٢١٢ رقم ٢١٤٨.

(١) الأحكام ٢/ ١٥٢.