باب النذور
  كان معصيةً لم يَجُزْ له الوفاءُ به، وعليه كفارة يمين، أو كان الذي علقه بالشرط نذراً مُجملاً لم يُعَيِّنه نحو أن يقول: الله عليَّ نذرٌ إن كان كذا وكذا، ثم يحصل الشرط فيلزمه كفارة يمين، إذا لم يُسَمِّ ما نَذَرَ بِهِ مُفَصَّلاً، وكذلك إذا كان نذره مطلقاً نحو أن يقولَ: للهِ عليَّ نذرٌ، فإنها تلزمُهُ كفارةُ يمين أيضاً). والأصل في ذلك ما تَقَدَّم من الأَخبارِ، فإنها تقتضي وجوبَ الوفاءِ بالنذر.
  مسألة: وإذا كان معلَّقاً لَزِمَه الوفاءُ به عند حصول الشرط؛ لأنه أوجَبَهُ على نفسه كذلك. وأما إذا كان مجملاً فإنه يلزمه كفارة يمين؛ لقوله ÷: «فَإِنْ لَمْ يُسَمِّهَ؛ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِيْنٍ».
  مسألة: (وإذا قال: لله عليَّ أن أصومَ يومَ العيدِ، أفطره وقضاه)، وإنما يلزمه الصومُ بهذا النذر؛ لما تقدم من الأدلة الموجبة للوفاء بالنذر؛ ولأنه زمان يصح فيه الصومُ، فيلزم الصوم بنذره كسائرالأيَّام. وإنما قلنا: يفطره ويقضيه؛ لأن نذره انطوى على قرية ومحظور، فالقربة هي الصوم، والمحظور كونه صوماً ليوم العيد؛ لأن النبي ÷ نهي عن صوم يوم العيد، فألزمناه القربةَ وهي الصوم المطلق، وأسقطنا عنه المحظورَ ومنعناه منه، عملاً بمقتضى الأمرين جميعاً.
  مسألة: (وكذلك إذا نَذَرَ بذبح نفسه، أو أَحَدِ أقاربه بمكةَ لزمه ذبح كبش بها). ووجه ذلك ما ثبت من أن إبراهيم # فدى ابنه بذبح كبش(١)، وكان ذلك شريعتَه فلزمنا الاقتداءُ به؛ لأنه لم يثبت نسخه، فصار ذلك أصلاً في كل من نذر ذبحَ من لا يصح ذبحه، أنه يلزمه ذبح كبش مكانه. وقد روي عن عطاء(٢) قال:
(١) شرح التجريد ٢/ ٢٧٧، والبيهقي ١٠/ ٧٣ والمعجم الكبير ١١/ ١١٤٤٣.
(٢) ابن أبي رباح، ولد في الهند، من مخاليف اليمن، ونشأ بمكة. وقد قيل فيه بأنه كان أسوداً أعورَ أفطس أشل أعرج ثم عمي وكان ثقة فقيهاً عالماً كثيرالحديث، وروي أنه كان أعلم الناس بالمناسك. مات =