شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب النذور

صفحة 270 - الجزء 1

  نَذَرَ رَجُلٌ أن ينحر ابنه فأتى ابن عباس فسأله، فأمره أن يفديَهُ بكبش، ثم قرأ ابن عباس هذه الآية: {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ١٠٧}⁣(⁣١) [الصافات: ١٠٧].

  مسألة: (وإن نَذَرَ بذبح عبده أو أمته أو فرسه، باعه وأهدى بثمَنِهِ ذبائحَ إلى مكةَ). ووجه ذلك أنه نذر بما له مدخل في القربة وهو الذبح بمكةَ، فوجب حمله على ما يصح وهو صرفُ ثمنه إلى الذبائحِ؛ لأن ذبحَ مانَذَربِهِ لا يجوزُ كما وجب حمل نذرِهِ بِذَبْحِ ولده على ما يصح، وهو الفديةُ بذبح كبشٍ. وقد يصح أن يقول القائل: جعلت عبدي ذَبَائِحَ بمكةَ. ويريدُ بذلك أنه جعل ثمنه مصروفاً في الذبائحِ؛ فوجب حمله على هذا الوجه.

  مسألة: (ولو نَذَرَ أن يهديَ أحداً من أقاربه إلى بيت الله تعالى لَزِمَهُ أن يَحجَّ به ويردَّهُ إلى أهله). ووجه ذلك أنه نَذَرَبما تتعلق به القربة، فلزمه الوفاء به، كمن قال لله عليَّ أن أحجَّ بفلان. وإنما قلنا ذلك؛ لأن قول القائل: أهديتُ كذا إلى فلان. معناه أوصلته إليه، ولا شك أن إيصاله إلى هنالك ماله مدخل في القربات؛ لما روي عن النبي ÷ أنه قال: «مَنْ جَهَّزَ حَاجًّا أَوْ خَلَفَهُ في أَهْلِهِ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ»⁣(⁣٢).


= سنة أربع عشرة ومائة وقيل: سنة خمس عشرة ومائة وكان له يوم مات ثمان وثمانون سنة. سيرأعلام النبلاء ٥/ ٧٨، طبقات ابن سعد ٥/ ٤٦٧، والجرح والتعديل ٦/ ٣٣٠، والتأريخ الكبير ٦/ ٤٦٣.

(١) شرح التجريد ٢/ ٢٧٧، وأصول الأحكام، والبيهقي ١٠/ ٧٣ بلفظ: «نذر بذبح نفسه»، ومثله في الطبراني في الكبير ١١/ ١٨٦ رقم ١١٤٤٣.

(٢) شرح التجريد ٢/ ٢٧٩، وأصول الأحكام، والاعتصام ٣/ ١٥٨، والطبراني في الكبير ٥/ ٢٥٦ رقم ٥٢٧١، والنسائي رقم ٣٣٣٠.