باب الأضاحي
  مُحَمَّد»(١). فثبت بذلك أن الشاةَ تجزئُ عن أَكْثَرِ من واحد، وقد أجمعوا على أنها لا تجزئُ عن أكثر من ثلاثة، فصح إجزاؤها عن الثلاثة. قلنا: والأَولى أن تكونَ الشاةُ عن واحد؛ لأنه أَوْفَى في القرية، فتكون أعظم للأجر.
  مسألة: (ويجزئُ منها الجَذَعُ من الضأنِ، ولا يجزئ من الإبل والبقر والمعز إلا الثني فما فوقه)؛ وذلك لما روي عن أبي بردةَ(٢) أن رسول الله ÷ أَمَرَهُ أن يُعِيدَ أُضْحِيَّتَهُ؛ لأنه ذبح قبل الصلاة، قال: عندي جَذَعٌ من المعز، فقال: «يُجْزِيكَ ولا يُجْزِئُ أحداً غَيْرَكَ»، وروي: «بَعْدَكَ»(٣). وروى أمير المؤمنين # عن النبي ÷ أنه قال: «الْجَذَعُ مِنْ الضأن يُجزئُ إِذَا كَان مُنْقِياً»(٤).
  فدل ذلك على أن الْجَذَعَ من الضأن يُجزئُ ولا يُجزئُ من المعز. ولا خلاف بين العلماء أن حكم الجذع من الإبل والبقر حُكْمُ الجذع من المعز، في أنه لا يجزئ. والجذع من الضأن ما تمت له سَنَةٌ(٥)، ولا خلاف في إجزاء ذلك، والخلاف واقع في ما دون السنة، فوجب الأخذ بالإجماع. وقيل: إن الثنيَّ من
(١) شرح التجريد ٦/ ٢٢٦، والشفاء ٣/ ١٥٢، والبيهقي ٩/ ٢٥٩، والمعجم الكبير ١/ ٣١٢ رقم ٩٢١ وشرح معاني الآثار ٤/ ١٧٧، والمستدرك ٢/ ٤٢٥ رقم ٣٤٧٨، ونصب الراية ٤/ ١٨٤.
(٢) هانئ بن نِيَار، وقيل: هانئ بن عمرو، وقيل اسمه: الحارث بن عمرو، خال السبراء بن عازب، شهد العقبة الثانية مع السبعين، وشهد بدراً وأحداً والمشاهد كلها مع رسول الله ÷ وشهد مع علي بن أبي طالب حروبه كلها، وتوفي أول خلافة معاوية. انظر أسد الغابة ٦/ ٢٧، والاستيعاب ٤/ ١٧٢.
(٣) شرح التجريد ٦/ ٢٢٣، والشفاء ٣/ ١٥٤، وأصول الأحكام بلفظه، وابن ماجه رقم ٣١٥٤، والبخاري رقم ٥٢٣٦، ومسلم رقم ١٩٦٢، والبيهقي ٩/ ٢٦٩ بألفاظ مقاربة.
(٤) شرح التجريد ٦/ ٢٢٤، وأصول الأحكام، والبيهقي بلفظ مقارب عن سعيد بن المسيب ٩/ ٢٧. قال في اللسان ١٥/ ٣٤٠: يقال: ناقة منقية - أي سمينة.
(٥) قال أصحاب الشافعية: إن الجذع من الضأن ما تمت له خمسة أشهر ودخل في السادس. وقال أبوحنيفة: ما تمت له ستة أشهر ودخل في السابع.