باب التذكية بالذبح وغيره
  المسلمين، وأصله قول الله سبحانه: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ}، بعد ذكر تحريم الميتة، وما روي عن النبي ÷ أنه قال: «إِذَا أَنهَرْتَ الدَّمَ وَفَرَيتَ الأَوْدَاجَ فَكُلْ»(١)، والأوداج عبارة عن الأربعة العروق، وهي: الوَدَجَانِ، والمري، والحلقوم(٢). وروي عن النبي ÷ أنه قال: «إِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا القَتْلَ»(٣). ونهي عن التعذيب، وذلك يقتضي قطعَ هذه الأربعة؛ لأن ذلك من الذَّبح الْحَسَنِ الذي لا يبقى معه المذبوحُ إِلاَّ يسيراً، فلا يكون تعذيباً له. ويقتضي أن يكون الذَّبحُ والنَّحرُ في مقابلة القِبلة؛ لأنه من الذَّبح الحسن، ولا خلاف أن ذلك مستحبٌ، فإن ترك استقبالها لعذر جاز؛ لأن الاستقبال ليس بشرط لصحة الذبح. ولا يجوز النحرُ ولا الذبحُ إلا بالحديدِ أو ما يَعمل عمَلَه [في القطع]، كالحجر الحاد؛ وذلك لما روي عن النبي ÷ أنَّ راعياً سأَلَه فقال: إني أرعى غنماً لأهلي، ويَعْرضُ لأَحدِهَا عَارِضٌ، فأخاف أن تفوتَنِي بنفسها ولا مُدْيَةَ معي، أفأذبح بسني(٤)؟ فقال: «لا». قال: فأذبح بظفري؟ قال: «لا». قال: فبعظم؟ قال: «لا»، قال: فبعود؟ قال: «لا»، قال: فبم يا رسول الله؟ قال: «بِالْمَروَةِ(٥) والْحَجَرِ؛(٦) بِضَرْبِ إِحْدَاهُما على
(١) شرح التجريد ٦/ ٢١٤، وأصول الأحكام، والشفاء ٣/ ١٤٢، والاعتصام ٤/ ٣٣٣، وابن ماجه رقم ٣١٧٨.
(٢) قال أبو حنيفة: الاعتبار بقطع ثلاثة من أي جانب، وقال الشافعي الاعتبار بقطع المري والحلقوم أما قطع الودجان فمستحب.
(٣) شرح التجريد ٦/ ٢١٥، والاعتصام ٤/ ٣٣٨، وأصول الأحكام، ومسلم رقم ١٩٥٥، والترمذي رقم ١٤٠٩، وابن ماجه رقم ٣١٧٠، والبيهقي ٩/ ٦٨.
(٤) وقالت الحنفية: إنه يجوز الذبح بالظفر والسن والقرن إذا كان منزوعاً حتى لا يكون بأكله بأس.
(٥) المرو: حجارة بيض براقة، وأصلب الحجارة القاموس ص ١٧١٩. وفي هامش المسند أنها الرخام ص ٢٥١.
(٦) في المسند وأصول الأحكام: والحجرين.