شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب الإقرار

صفحة 286 - الجزء 1

  يقبل إقراره، ويطالب بتفسيره. فإن فسره بشيء جرت العادة بأن مَثْله يثبتُ في الذِّمَّةِ، كان القول قوله، وإن ادعى الْمُقَرُّ له شيئاً أَكْثَرَ مِنْ ذلك كان عليه البينة. والأصل في ذلك ما تقدم ذكره من الإجماع على لزوم ما أَقَرَّ به لَه.

  مسألة: (ومن أَقَرَّ بولدٍ أو والدٍ أو مولىً، جاز إقرارُه، وكذلك الإقرار بالنكاح جائزٌ أيضاً). وإنما يصحُّ الإقرارُ بذلك إذا لم يكن هنالك ما يبطل الإقرار، ولا يظهر خلاف في ذلك بين العلماء؛ وذلك لأنه إقرارٌ بما لا يقتضي واسطة بين الْمُقِرِّ والْمُقَرِّ لَهُ، فوجب أن يقبل، كما لو أقرَّعَلَى نفسِهِ بحقٍّ من الحقوقِ. وإنما اعتبرنا نفي الواسطة؛ لأنه لو أقرَّ بأخٍ لم يثبت نسبُه؛ من حيث إنه لا يثبت إلا بواسطة ثبوت نسبه من الوالد، وذلك إقرار على الغير، فلا يصح.

  مسألة: (وإذا أقرَّغيرُ هؤلاءِ بوارثٍ شاركه في الإرث إن كان ممن يشارِكُهُ، وَحَجَبَهُ إن كان ممن يَحْجُبُهُ، ولم يثبت نسبُه بإقراره⁣(⁣١))؛ وذلك لأن إقرارَه تضمَّنَ أمرين: أحدهما يخصه: وهو المقاسمةُ في الإرثِ والْحَجْبِ. والثاني يرجع إلى الغير: وهو ثبوت النسب، فصح إقرارُه بما يخصُّهُ، ولم يصح في ما يتعلَّق بغيره؛ لما تقدم ذكرُه من أن إقرارَ الإنسانِ على نفسِه لازمٌ له، وعن أمير المؤمنين # في رجلٍ ماتَ وخلَّفَ ابنين فيقرُّأحدهما بأخٍ له، قال: يستوفي الذي أقر حقه، ويدفعُ الفضلَ إلى الذي أَقرَّ به⁣(⁣٢). وذلك يدل على صحة ما قلنا، من لزوم إقراره له فيما يخصه. ولا خلاف في أن نسب هذا الْمُقِّربه لا يثبت؛ لَمَّا كان إقرارُه فيما يرجع إلى غيره.


(١) وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: إنه يثبت نسبه إن لم ينكره بعضهم.

(٢) المسند ص ٣٧٥، وشرح التجريد ٦/ ٥٨.