شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب الإقرار

صفحة 285 - الجزء 1

باب الإقرارِ

  مسألة: (إذا أقرَّ من هو جائز التصرف بحقٍ لغيرِهِ لَزِمَهُ ما أَقَرَّ به إذا كان مُبَيَّناً، فإن كان مجملاً طولِبَ بتفسيره). والأصل في ذلك قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ}⁣[النساء: ١٣٥]. وشهادة المرء على نفسِهِ هي الإقرارُ، وروي عن النبي ÷ أنه رَجَمَ مَاعِزَ بنَ مالِكٍ حين أقرَّ بالزِّنَى⁣(⁣١) ... ولا خِلاَفَ بين المسلمين في أن الإقرارَ لازمٌ لمن أقرَّعلى نفسه، وإنما قلنا: إذا كان جائزَ التصرفِ. والمراد به أن يكونَ بالغاً عاقلاً حراًّ مختاراً غيرَ مكره؛ لأن الصبيَّ والمجنونَ لا يصح إقرارُهما؛ لزوال عقليهما، ولذلك رُفِعَ القلمُ عنهما، ودلَّ عليه قولُ النبي ÷: «رُفِعَ القَلَمُ عَنْ ثَلاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حتَّى يَسْتَيقِظَ، وعَنِ الْمَجْنُونِ حتَّى يُفِيْقَ، وعَنِ الصَبيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ»⁣(⁣٢). وكذلك العبد لا يصح إقرارُه فيما يَرجِعُ إلى مولاه به ضمانٌ وغرامةٌ؛ لأنه إقرارٌ على غيره فلم يصح كالإقرارعلى الأجنبي. والمكره لا يثبت إقراره أيضاً؛ لما روي عن النبي ÷ من قوله: «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ والنِّسيانُ وَمَا استُكْرِهُوا عَلَيْهِ». والْمُقَرُّبه المبيَّنُ: هو مثل أن يُقِرَّ بدنَانِيرَ معلومةٍ، أو دراهمَ معلومةٍ، أو غيرِ ذَلك من الحقوق الْمُعَيَّنة. والمجمل من ذلك مثل أن يقول: عليَّ لفلان شيء، أو مال. ولا يُبَيِّنُه بجنس ولا مقدار، فإنه


(١) الشفاء ٣/ ٢٢٣، وأصول الأحكام، والبخاري رقم ٦٤٣٨، وأبو داود رقم ٤٤٢٧، والبيهقي ١/ ١٢٣، والدار قطني ٣/ ١٢١ وابن خزيمه ١/ ٢٠ رقم ٣٠.

(٢) شرح التجريد ٥/ ٦٩، والشفاء ٣/ ٤٢٢، والاعتصام ٥/ ٢٤٩، والترمذي رقم ١٤٢٣، وأبو داود رقم ٤٣٩٨، وابن ماجه رقم ٢٠٤١.