باب الشهادات
  يُقْضَى بذلك في الحدود والقصاص؛ لأنه لا خلاف أنه لا يُقْضَى فيهما بشهادَةِ رَجُلٍ وامرأتين، مع أن ذلك أقوى من شهادة واحد ويمين الطالب، فكذلك لا يقضي بذلك فيهما.
  مسألة: (والرابع: الشهادة على ما لا يَطَّلِعُ عليه الرجال، نحو استهلال المولود، وأمراض الفروج، وما أشبه ذلك). فيقبل في ذلك شهادة امرأة واحدة(١)؛ وذلك لما روي عن النبي ÷ أنه قبل شهادة القابلة(٢). وروي عن أمير المؤمنين # أنه قبل شهادة امرأة واحدةٍ في ما لا يَطَّلِع عليه الرِّجالُ(٣).
  مسألة: (ولا تُقْبَلُ شهادةُ رجل واحد في رؤية الهلال)؛ وذلك لما روي أن أميرَمكَة(٤) خَطَبَ ثم قال: عَهِدَ إلينا رسولُ الله ÷ أن ننسك لرؤيته، فإن لم نره وشهد شاهدا عدل بأنهما رأياه نسكنا بشهادتهما، ثم قال: وشهد هذا من رسول الله ÷ وأومأ بيده إلى ابن عمر، فقال: بذلك أمرنا رسول الله ÷(٥). وروي عن أمير المؤمنين # أنه قال: «إذا شَهِدَ ذَوَا عَدْلٍ أَنَّهُمَا رَأَيَا الهِلاَلَ فَصُومُوا وأفطرُوا»(٦). فاقتضى ذلك أنه لا يُقْبَلُ في رؤية الهلال شهادة الواحد.
(١) وهو قول الحنفية، واشترطت الشافعية أربعاً من النساء، وقال مالك: لا يقبل أقل من امرأتين.
(٢) شرح التجريد ٦/ ١٣٠، والشفاء ٣/ ٢٤٩ - ٢٥٠، وأصول الأحكام، والبيهقي ١٠/ ١٥١، والدار قطني ٤/ ٢٣٢، و كذلك نصب الراية ٣/ ٢٦٤. والقابلة: هي الْمُوَلِّدة.
(٣) شرح التجريد ٦/ ١٣٠، وأصول الأحكام.
(٤) هو الحارث بن حاطب بن الحارث. انظر ترجمته في الإصابة ١/ ٢٧٥.
(٥) شرح التجريد ٢/ ١٠٧، وأصول الأحكام، والشفاء ١/ ٦١٨، وأبو داود رقم ٢٣٣٨، والبيهقي ٤/ ٢٤٧، والدار قطني ٢/ ١٦٧.
(٦) شرح التجريد ٢/ ١٠٧، وأصول الأحكام.