باب الشهادات
  شُهُودَ الزِّنا يَجِبُ أن يكونوا أربعةً. وروي عن النبي ÷ أنه لم يُقِمِ الحدَّ بالشهادة على الزِّنى حتى يَشْهَدَ عنده أربعة(١). واعتبرنا العقلَ والبلوغ؛ لأن العدَالَةَ شرطٌ في الشهادة، ولا تثبت العدالةُ إلا بعد البلوغ وكمال العقل.
  مسألة: (والثاني: الشهادةُ على سائر الحدودِ وعلى القصاصِ، ولا بدَّ فيها من شاهدين كذلك)؛ وذلك لما روي عن الزهري أنه قال: قَضَتِ السُّنَّةُ مِنْ رسول الله ÷ والخليفتين من بعده أنه لا يَجُوزُ شهادةُ النِّساء في الحدودِ والقِصَاصِ(٢). ولا خلاف أن شهادتهن غيرُمقبولة في الحدود، ولا يظهر الآن خلافٌ في القصاص أيضاً.
  مسألة: (والثالث: الشهادة على الأموال وسائر الحقوق من نكاح وطلاق وغير ذلك، ولا بد فيها من شهادة رجلين عدلين، أو رجل وامرأتين(٣)، أو رجل ويمين المدعي). والأصل في ذلك قول الله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ}[البقرة: ٢٨٢]. وأما الشاهِدُ الواحد ويمين المشهود له، فإنه يُقْضَى بذلك في الأموال والحقوق؛ لما روي عن النبي ÷ أنه قضى باليمين مع الشاهد(٤)، وفي بعض الأخبار أنه قضى بالشاهد ويمين الطالب. ولا
(١) شرح التجريد ٥/ ١٠٨، وأصول الأحكام.
(٢) شرح التجريد ٥/ ١١٣، وأصول الأحكام، والشفاء ٣/ ٢٥٠، ونصب الراية ٤/ ٧٩
، وتلخيص الحبير ٤/ ٢٠٧.
(٣) لم تحز الشافعية شهادة النساء في الطلاق والرجعة والنكاح والإسلام والردة والجرح والتعديل والوقف والوصية ونحو ذلك، وقال مالك: إنها لا تجوز في النكاح والطلاق والولاء والإحصان، وتجوز في الوكالة والوصية.
(٤) المسند ص ٢٩٢، والشفاء ٣/ ٢١٧، والترمذي رقم ١٣٤٤، وأبو داود رقم ٣٦١٠، وابن ماجه رقم ٢٣٦٨، والبيهقي ١٠/ ١٦٨، والدار قطني ٤/ ٢١٣.