باب فيمن تقبل شهادته أو ترد
  مسألة: (ولا بَأْسَ بشهادةِ ذوي الأرحام، بعضهم البعض، كالابن والأب(١) والأخ وكذلك شهادة أحد الزوجين(٢) للآخر، إذا كانوا عدولاً، لأن شهادة من ليسَ بعدلٍ لا تجوز)؛ وذلك لقول الله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}[الطلاق: ٢]، وقوله: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ}[البقرة: ٢٨٢]. فَعَمَّ بذلك القريبَ والأجنبي؛ ولأنه مسلم عدلٌ غيرُ خصمٍ ولا عدو للمشهود عليه، فجازت شهادته لصاحبه كالأجنبي.
  مسألة: (وما تستند إليه الشهادات، ثلاثةُ أمور: أحدُها: المعايَنةُ، كمن يشاهد رجلاً يَقْتُلُ غيرَه أو يجرحُه ونحو ذلك. والثاني: الإقرار، كمن يشهد على إقرار غيره بقتل رجل أو جرحه أو أخذ ماله ونحو ذلك. والثالث: الْخَبَرُالمستفيضُ، كمن يشهد بالنسب والموت ونحوهما إذا استفاض الخبرُ بذلك). والأصل في ذلك أن هذه الأشياءَ طريقٌ للعلم بما يَشْهَدُ به الشاهدُ، فجازت شهادتهُ ودخل ذلك تَحتَ قولِه تعالى: {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ٨٦}[الزخرف: ٨٦]، وتحتَ ما روي عن النبي ÷ أنه قال: «تَرَي هَذِهِ الشَّمْسَ، عَلَى مِثْلِهَا فَاشْهَدْ، وإلاَّ فَدَعْ»(٣).
(١) قال أبو حنفية والشافعي: لا تحوز شهادة الآباء للأبناء والعكس.
(٢) قال أبو حنفية ومالك: لا تحوز شهادة أحد الزوجين لصاحبه.
(٣) شرح التجريد ٦/ ١٢٨، والشفاء ٣/ ٢٢٩، وأصول الأحكام، والاعتصام ٤/ ٤٥٩، نصب الراية ٤/ ٨٢ وتلخيص الحبير ٤/ ١٩٨ بالفاظ مقاربة.