باب العاقلة
  الْمُوضِحَةِ، وهو خمسمائة درهم، فصار ذلك أصلاً في هذا الباب. قلنا: ويحمل كلُّ واحدٍ منهم دون المثقال في ثلاث سنين، ولا خلاف أنه يُضَمُّ إلى الجاني عاقلته الأدنى فالأدنى، حتى يكون الذي يلزم الرجل أقل من عشرة دراهم في ثلاث سنين؛ وذلك لأن ما يلزم العاقلة هو على التناصر والمعاونة والتخفيف؛ فوجب على العصبات؛ لأنهم من أهل النصرة، ولزم هذا القدر اليسير؛ ليكون خفيفاً عليهم، وتخفيفاً عن صاحبهم.
  مسألة: (فإن لم يحتمل البطن الأدنى، لقلة عددهم، ضُمَّ إليهم من يليهم من البطون، ثم كذلك إلى أن لا يبقى من العصبات أحد). وذلك لما ذكرنا من الإجماع على أنه يضم إلى الجاني عاقلته الأدنى فالأدنى.
  مسألة: (فإذا بقي من الدية شيء لم تحتمله العاقلة عاد في مال الجاني). وذلك لأن الأصل يقتضي وجوبَ الدية على الجاني خاصة؛ لأن الجناية منه. وإنما عدلنا عن هذا الأصل؛ لما دلَّ على احتمال العاقلة عنه، فإذا بقي شيء منها، أو لم يكن للجاني عاقلةٌ، لزِمَه ارشُ جِنَايتِهِ في خاصة ماله(١)، كما يلزمه في سائر جنايات العمد، وما يعترف به من الخطأ أو يصلح عنه. فإذا لم يكن له مالٌ كان أرشُ جنايته في بيت مال المسلمين، والأظهرُأنه إجماع؛ وذلك لأن المسلمين قد يرثونه إذا لم يكن له وارث، وتلزمهم نصرتُه، فجروا مجري عصباته على بعض الوجوه؛ فجاز أن يَعْقِلُوا عنه.
(١) قال أبو حنيفة والشافعي: لا تجب في ماله بل تجب على بيت مال المسلمين.