شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب العاقلة

صفحة 317 - الجزء 1

بابُ العاقلة

  مسألة: (العاقِلةُ: هم العصباتُ، على ما يأتي ذكرهم في كتاب الفرائض، ويَحْمِلُ كلُّ واحد منهم دون المثقال، وقد قُدِّرَ بتسعة دراهم، في ثلاث سنين). وهم الذين يحملون عن الجاني أرش ما جَنَى على وجه الخطأ من الْمُوضِحَةِ فما فوقها، إذا لم يَعتَرفْ به ولم يُصْلِحْ عنه. والأصل في ذلك ما روي عن جابر أنَّ امرأتين⁣(⁣١) من هذيل قتلت إحداهما الأخرى [ولكل واحدة منهما ولدا] فجعل رسول الله ÷ ديةَ المقتولة على عاقلةِ القاتلةِ⁣(⁣٢). وعنه ÷ أنه قال في المرأة: «يَعْقِلُ عَنْهَا عَصَبَتُهَا وَيَرِثُهَا بَنُوْهَا»⁣(⁣٣). فصح أن العاقِلَةَ هم العصبة⁣(⁣٤)، وأنهم يتحملون ما وقع خطأً من الجنايات. كما روي عن أمير المؤمنين # أنه قال في ديات الخطأ: «كلُّ ذلك على العاقلة»⁣(⁣٥)، وهذا مما لا يُعلَمُ إلا بالتوقيف من النبي ÷. قلنا: إذا لم يعترف الجاني بالجناية، ولا أصلح عنها، لأن العاقلة لا تَعْقِلُ صلحاً ولا اعترافاً، على ما تقدم بيانه. وقلنا: من الْمُوضِحَةِ فما فوقها؛ لما ثَبَتَ من أن رسول الله ÷ قضى في الجنين بالغُرَّةِ، وجعلها على عاقلة الجاني⁣(⁣٦)، ومعلوم أنَّ قيمة الغُرَّةِ مثلُ أرشِ


(١) المرأتان هما: مُلَيْكَةُ بنت عويمر الهذلية، والأخرى أم عفيف بنت مسروج. انظر الترجمة في أسد الغابة ٧/ ٢٦١، ٣٥٧، والإصابة ٤/ ٣٩٦.

(٢) شرح التجريد ٥/ ١٨٩، والاعتصام ٥/ ٢٠٤، والشفاء ٣/ ٣٨٩ - ٣٩٠ بزيادة ما بين القوسين، وأصول الأحكام، ومسلم رقم ١٦٨٢، وأبو داود رقم ٤٥٧٥، والبيهقي ٨/ ١٠٧ رقم ١٦١٥١، والدار قطني ٣/ ١٧٩.

(٣) شرح التجريد ٥/ ١٨٩، والاعتصام ٥/ ٢٢٣، وأصول الأحكام، والبيهقي ٨/ ١٠٦.

(٤) قال الشافعي: إنهم العصبة إلا الأب والجد والإبن وابن الإبن فلا يعقلون.

(٥) المسند ص ٣٤٣ في حديث طويل، وشرح التجريد ٥/ ١٨٩، وأصول الأحكام.

(٦) شرح التجريد ٥/ ١٨٨، وأصول الأحكام، والشفاء ٣/ ٣٩٩، والاعتصام ٥/ ٢٢٣، والبخاري رقم ٥٤٢٧، والبيهقي ٨/ ١١٣، والدار قطني ٣/ ١١٥، والمعجم الكبير ٤/ ٨ رقم ٣٤٨٢.