باب جناية العبيد والبهائم
  لم يضمن ما أتلفته). والأصل في ذلك أن صاحبَ الدابةِ يكون متعدياً بما كان منه، مِنْ وَقْفِ الدابةِ أو ركضها؛ لأنه لا حق له في الطريق إلا الاستطراق كما يكون لغيره من المسلمين، وقد روي عن أمير المؤمنين # أنه قال: «مَنْ وقف دابتَه في طريقٍ من طُرُقِ المسلمين أو سوقٍ فهو ضَامِنٌ لما أصابت بِيَدِها أو رجلِهَا»(١). قلنا: وإن سيَّرَهَا سيراً على ما جرت به العادةُ لم يضمن ما أتلفته؛ لأنه لم يكن منه تَعَدٍّ يوجب عليه الضمان. وقد روي عن النبي ÷ أنه قال: «العَجْمَاءُ جُبَارٌ»(٢). وذلك يقتضي أنه لا ضمان على صاحبها فيما أتلفته، إذا لم يكن منه تَعَدٍّ ولا تفريط فيما يلزمه من حفظها.
  مسألة: (ويضمن صاحبُ البهيمة ما أتلفته من زرع الناس ليلاً، ولا يضمن ما أتلفته نهاراً، إلا أن يكون ساقها إليه، أو أَدْخَلَها فيه)؛ وذلك لما روي عن النبي ÷ أنه قضى على أهل الماشية حِفْظَها بالليل، وعلى أهل الزرع حِفْظَه بالنهارِ، وعلى أهل المواشي ما أفسدت مواشيهم بالليل(٣). قلنا: إلا أن يكون ساقها إليه أو أدخلها فيه؛ لأن ذلك يكون جنايةً منه، فلزمَهُ الضمانُ.
(١) المسند ص ٣٤٨، وشرح التجريد ٥/ ٢٠٤، والشفاء ٣/ ٤٠٦، وأصول الأحكام، والاعتصام ٥/ ١٩٥.
(٢) شرح التجريد ٥/ ٢٠٤، والشفاء ٣/ ٤٠٦، وأصول الأحكام، والاعتصام ٥/ ١٩٣، والبخاري رقم ٢٢٢٨، ١٤٢٨، ومسلم ٣/ ١٣٣٤، وأبو داود ٤٥٩٣، والترمذي رقم ٦٤٢، والنسائي ٥/ ٤٥، وابن ماجه رقم ٢٦٧٣، ومسند أحمد رقم ٧٤٦١، ٧٢٥٨.
(٣) شرح التجريد ٥/ ٢٠٥، والشفاء ٣/ ٤٠٧، وأصول الأحكام، والاعتصام ٥/ ١٩٦، وأبو داود رقم ٣٥٧٠، والدار قطني ٣/ ١٥٥، وابن ماجه رقم ٢٣٣٢.