باب الوصايا
  العلماء؛ وذلك لأنه كالوكيل في ذلك؛ فكما جاز الخروجُ من الوكالة في وجه الموكِّل جاز ردُّ الوصية على الموصي. وأما إذا غاب الْمُوصي أو مات فإنه لا يجوز للوصي ردُّها؛ لأنها ولاية ثبتت له ولزمه التصرفُ بحكمها؛ فلم يكن له إخراجُ نفسه عنها بغير محضرِ من أثبت ذلك له، كالشركة والمضاربة والوكالة. قلنا: وإن لم يقبلْها حتى ماتَ الموصي كان له أن يقبلَها بعد ذلك؛ لأن الوصية قد تمت من جهة الموصي، وبقيت موقوفةٌ على قبول الوصي، فمتي قبلها صحت، ولا يظهر في ذلك خلاف.
  مسألة: (وإذا كانت الوصيةُ إلى رجلين، فكلُّ واحد منهما وصي له، ولكل واحد منهما أن يقوم بنفاذ الوصية)؛ وذلك لأن الوصية ولايةٌ، فلكل واحدٍ منهما أن يَنفردَ بالتصرف فيها، كأولياء المرأة. ويدل على أنها ولايةٌ أنَّ تَصَرُّفَ الوصي لا يفتقر إلى بقاء الآمر له، وتعيينِ ما يتصرف فيه؛ لأنها ثبتت بعد موت الآمر، ويتصرفُ فيها بما لم يذكره الموصي له، فصح أنها ولاية، وبذلك تفارق الوكالة.
  مسألة: (وللوصي أن يوصي بما هو وصي فيه)(١)؛ وذلك لأنها ولايةٌ ثبتت بموت من له الولاية، فجاز أن يجعلها إلى غيره، كالجد، فكما أن للجد أن يوصي كذلك الوصي.
(١) عند الشافعية ليس للوصي أن يوصي إلى غيره.