شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب الوصايا

صفحة 334 - الجزء 1

  حَقَّهُ، أَلاَ لاَ وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ»⁣(⁣١)، فإنه محمول على نفي وجوب الوصية، الذي كان ثابتاً بقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ}⁣[البقرة: ١٨٠]، فَنُسِخَ وجوب الوصية وبقي جوازها، كما نُسِخَ وجوب الصوم في عاشوراء وبقي جوازه.

  مسألة: (وما يفعلُهُ المريض في حال خِفَّةِ مرضه: من هِبَةٍ، أوعِتْقٍ، أو صَدَقَةٍ، أو مُحَابَاةٍ، وما جرى مجرى ذلك، فهو نافذ مثل ما يفعله الصحيح. وما يفعله مع شدة مرضه المخوف عليه منه فهو في حكم الوصية)، ولا خلاف في ذلك.

  مسألة: (والوصية تتم بقبول الْمُوصَى له، وتَبْطُلُ بالرد)؛ وذلك لأنها عقد تمليك، فجاز وقوفُها على قبوله كالهبة.

  مسألة: (وللموصي أن يرجع عن وصيته، ويزيدَ فيها، ويُنَقِّصَ منها)، ولا يظهر في ذلك خلاف بين العلماء، والوجه فيه أن الوصيةَ موقوفةٌ، ولا تستقر إلا بموت الموصي، فجاز له فسخُها كالعقود الموقوفة من البيع والهبة والنكاح، والنقصان فيها فهو فسخ لبعضها؛ فإذا جاز فسخ الكل، فَفَسْخُ البعض أولى بالجواز. وأما الزيادة عليها فإنها وصية أخرى؛ فجازت كالوصية الأولى.

  مسألة: (والوصيُّ متى قبل الوصية في حياة الْمُوصِي فله أن يردها قبل موته، وليس له ردُّها بعد موته⁣(⁣٢)، وإذا لم يقبلْها حتى ماتَ الْمُوصِي كان له أن يقبلَها بعد ذلك). أما ردها في وجه الموصي، فممَّا لا يظهر فيه خلاف بين


(١) الشفاء ٣/ ٤٢١، والاعتصام ٥/ ٢٥٢، والترمذي رقم ٢١٢١، وأبو داود رقم ٢٨٧٠، وابن ماجه رقم ٢٧١٣ بلفظ: «فلا وصية».

(٢) عند الشافعية لا يكون قبول الموصَي له إلا بعد موت الموصي فلا عبرة بقوله أو رده في حياة الموصي وعلى هذا فإن للموصَى أن يرد الوصية بعد موت الموصي إن قبلها في حياته.