باب ذكر السهام وأهلها
  فظاهر الآية وإن اقتضى أنَّ لها السدسَ مع الثلاثة من الإخوة، من حيثُ كان ذلك أقلَّ الجمع، وليس فيه بيان حكم الاثنين؛ فصرنا بين أمرين: إما أن نَرُدَّ حكمهما إلى حكم الأخ الواحد، فلا نحجب بهما. وإما أن نرد حكمهما إلى حكم الثلاثة، فلما وجدناهما يجريان مجرى الثلاثة في أحكام كثيرة، نحو ميراث الاثنتين من الأخوات، فإنه الثلثان؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ}[النساء: ١٧٦]، ولا خلاف في أنَّ ذلك ميراثُ الثلاثِ من الأخوات أيضاً، وأنَّ حكمَهُنَّ حكم الاثنتين في ذلك. وكذلك حكمُ الاثنين من الإخوة للأم حكم الثلاثة؛ لقوله تعالى: {فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ}[النساء: ١٢]، فوجب أن يكونا في الحجب بمنزلة الثلاثة.
  مسألة: (وهو سَهْمُ الجدِّ أبُ الأب، إذا لم يكن أبٌ مع الولد وولد الابن، ومع الإخوة والأخوات(١) إذا كان أصلح له من المقاسمة. فإن كانت مقاسمة الإخوة لأب وأم أو لأب أصلحَ له من السدس قاسمهم، وأخذ مثلَ نصيب أحدهم). وذلك لما روي عن النبي ÷ أنه أتاه رجل فقال: إنَّ ابن ابني مات، فما لي من ميراثه؟ قال: «لَكَ السُّدُسُ». فلما ولَّى، قال: «ارجِعْ، فَلَكَ سُدُسٌ آخَر». ثم قال: «إِنَّ السُّدُسُ الآخَرَ طُعْمَةٌ»(٢). وذلك يدل على أنَّ سهمه السُّدُسُ على كل حال. فأما السُّدُسُ الآخر الذي سماه طعمة،
(١) عند الحنفية الجد كالأب في إسقاط الإخوة.
(٢) شرح التجريد ٦/ ٢٩ بلفظ مقارب، وأصول الأحكام، والاعتصام ٥/ ٢٨١، والترمذي رقم ٢٠٩٩، وأبو داود رقم ٢٨٩٦، والبيهقي ٦/ ٢٤٤، والمعجم الكبير ١٨/ ١٤١ رقم ٢٩٥، والنسائي رقم ٦٣٣٧، ومسند أحمد رقم ١٩٨٦١.