شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب قتال البغاة

صفحة 369 - الجزء 1

  ليس له، بل هو من جملة الغنيمة). ولا خلاف في أن الإمام إذا جعل السلب اللقاتل فأنه يستحقه. وقد روي عن النبي ÷ أنه قال يوم حنين: «مَنْ قَتَلَ قَتِيْلاً فَلَهُ سَلَبُهُ»⁣(⁣١). وأما إذا لم يجعل له الإمام ذلك فإنه لا يستحقه بقتله له، بل يكون سلبه من جملة الغنيمة؛ وذلك لما روي عن عبادة بن الصامت أن رجلين⁣(⁣٢) اجتمعا على قتل أبي جهل يوم بدر، فجعل النبي ÷ سلبه لأحدهما⁣(⁣٣)؛ فلو كان القاتل يستحقه بالقتل، لم يخص به أحدهما. قلنا: والسلب هو ما ظهر؛ لأنه لا يفهم منه إلا ذلك. ولهذا يقال: شجرة سُلِبَتْ؛ إذا أُخِذَ وَرَقُهَا وَأَغْصَانُها. وقلنا: فيه الخمس؛ لأنه من جملة الغنائم وقد بينَّا أن فيها الخمس.

باب قتال البغاة

  مسألة: (قتال البغاة ضربان: أحدهما: يجب على كافة المسلمين، سواء كان ذلك مع الإمام أو من دون إمام، وهو أن يكون دفعاً لبغيهم عن المسلمين، نحو أن يقصد البغاة ناحية من نواحي المسلمين للقتال، فيجب قتالهم ودفعهم بكل ما أمكن)، ولا يظهر في ذلك خلاف بين المسلمين. وقد دل عليه قول الله سبحانه: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ


(١) شرح التجريد ٦/ ٢٩٠، والشفاء ٣/ ٥٦٤، وأصول الأحكام، والاعتصام ٥/ ٤٩٧، والبيهقي ٦/ ٣٠٧، والمعجم الكبير ٧/ ٢٤٥ رقم ٦٩٩٥، وشرح معاني الآثار ٣/ ٢٢٧ بلفظه، والبخاري رقم ٢٩٧٣، ومسلم رقم ١٧٥١، والترمذي رقم ١٥٦٢ بلفظ مقارب.

(٢) هما: معاذ بن عمر بن الجموح، ومعوّذ بن عفراء. في أسد الغابة ٥/ ١٩٤، ٢٣١، والاستيعاب ٣/ ٤٦٥، ٤/ ٤.

(٣) شرح التجريد ٦/ ٢٨٩، والبخاري رقم ٢٩٧٢، ومسلم رقم ١٧٥٢، والبداية والنهاية ٣/ ٣٥٢، وسيرة ابن كثير ٢/ ٤٤٢ في حديث طويل وقضى بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح.