باب شروط الصلاة
  يتناول الطهارةَ من النجس، كما يتناول الطهارة من الحدث، وفي ذلك ما روي عن النبي ÷ أنه قال: «طَهُورُإِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِيْهِ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعاً»(١). فَسَمَّي غسل النجاسة طهوراً، وكذلك سمى الترابَ طَهُوراً بقوله: «وجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِداً وَطَهُوراً»(٢).
  فصل: والنجاسة ضربان: نجاسةٌ عينُها مرئية، وطهارتُها بأن تزولَ عينُها ثم تُغْسَلَ بعد ذلك غسلتين(٣)؛ لأن جميعَ ما زالت به العينُ من الغَسْل يُعَدُّ في حكم الغَسلة الواحدة؛ لأن آخر ما زالت به النجاسة من الماء قد لاقى النجاسة، ثم يكون الماء عند الغسلة الثانية ملاقياً لما لاقته النجاسة، ثم الماء الثالث يكون طاهراً؛ لأنه المجاور الثالث فيجري مجرى الماء الثالث في غسل النجاسة التي لا تُرى عينُها. والأصل في ذلك ما روي عن النبي ÷ أنه قال في دم الحيض: «حُتِّيهِ ثُمَّ اقْرُصِيهِ ثُمَّ اغْسِلِيهِ»(٤)، وإذا كانت عينها غير مرئية فطهارة موضعها بأن يغسل ثلاثاً؛ وذلك لما روي عن النبي ÷ أنه قال: «إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلاَ يُدْخِلْ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا ثَلاَثاً؛ فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِيْ أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ». وقيل: إنما أَمَرَهم # بذلك؛ لأنهم كانوا لا يأمنون مباشرة أيديهم لموضع الغائط أو البول منهم.
(١) شرح التجريد ١/ ١٨، والشفاء ١/ ١١٠، والاعتصام ١/ ١٨٣، وأصول الأحكام، والبخاري رقم ١٧٠، ومسلم رقم ٢٧٩.
(٢) شرح التجريد ١/ ٧٨، والشفاء ١/ ١٣٨، والاعتصام ١/ ٣٤٥، وأصول الأحكام، والبخاري رقم ٤٢٧، والترمذي رقم ٣١٧، وابن ماجه رقم ٥٦٧، والبيهقي ٢/ ٤٣٣.
(٣) وعند الحنفية يكفي غسلة واحدة.
(٤) شرح التجريد ١/ ١٤١، والشفاء ١/ ٢٤١، وأصول الأحكام، ونصب الراية ١/ ٢٠٧، والترمذي ١/ ٢٥٤، ومثله البيهقي ١/ ٢٥٤، وابن حبان رقم ١٣٩٦.