شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب شروط الصلاة

صفحة 53 - الجزء 1

  فصل: ولايجوزإزالةُ النجاسة عن الأبدان والثياب بشيء من المائعات سوى الماء؛ وذلك لقوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا}⁣[الفرقان: ٤٨]، فخص الماءَ بالذكر فدل على أنه المختصُّ بالتطهير. ويروى عن النبي ÷ أنه قال: «لاَ بَأْس بِصُوفِ الْمَيْتَةِ وَشَعَرِهَا إِذَا غُسِلَ بِالْمَاءِ»⁣(⁣١). فخص الماءَ بالذكر، فلو قام غيرُه مَقَامَهُ لبطلت فائدة التخصيص؛ ولأنه لمَّا شرط غسله بالماء، فاقتضى الشرطُ وقوفَ الحكم على استعمال الماء، فلا يجوز العدولُ عنه إلى غيره.

  مسألة: (والثاني طهارة الثياب، وأن تكونَ مباحةً للمصلي). أما طهارة الثياب للمصلي من النجاسات؛ فلقوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}⁣[المدثر: ٤]، فَأَمَر بذلك والأمرُ يقتضي الوجوبَ، وذلك لا يجب لغير الصلاة فثبت وجوبُه لهَا، ولما روي من أمره ÷ بغسل الثوب من دم الحيض، وذلك لا يجب لغير الصلاة، فثبت وجوبه لها. وكذلك قوله ÷ لعمار: «إِنَّمَا تَغْسِل ثَوبَكَ مِنَ البَولِ وَالغَائِطِ» إلى آخر الخبر. قلنا: وتكونُ مباحةً للمصلي؛ لأن ما يحرم على المصلي لبسهُ من الثياب كالحريرالمحض والمغصوب من الثياب فإنه لا يجوزالصلاةُ فيه. أما الحريرُفلأنه قد ثبت تحريم لبسه على الرجال؛ لقوله ÷ في الحرير والذهب: «هَذَانِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي حِلٌّ لإِنَاثِها»⁣(⁣٢)؛ وإذا حَرُمَ لبسُه في غير الصلاة فتحريم لبسه في الصلاة أولى. وأما المغصوب فإنه لا خلاف في تحريم لبسه.


(١) شرح التجريد ١/ ٢٩، والشفاء ١/ ١٢٠، وأصول الأحكام، والاعتصام ١/ ١٨٦، والبيهقي ١/ ٢٤، والدار قطني ١/ ٤٧.

(٢) الاعتصام ١/ ٣٤٣، وأصول الأحكام، والترمذي رقم ١٧٢٠، وابن ماجه رقم ٣٥٩٢، وأبو داود رقم ٤٠٥٧، والطبراني في الكبير ١١/ ١٥ رقم ١٠٨٨٩، والبيهقي ٣/ ٢٧٥.