باب شروط الصلاة
  فصل: ولايجوزإزالةُ النجاسة عن الأبدان والثياب بشيء من المائعات سوى الماء؛ وذلك لقوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا}[الفرقان: ٤٨]، فخص الماءَ بالذكر فدل على أنه المختصُّ بالتطهير. ويروى عن النبي ÷ أنه قال: «لاَ بَأْس بِصُوفِ الْمَيْتَةِ وَشَعَرِهَا إِذَا غُسِلَ بِالْمَاءِ»(١). فخص الماءَ بالذكر، فلو قام غيرُه مَقَامَهُ لبطلت فائدة التخصيص؛ ولأنه لمَّا شرط غسله بالماء، فاقتضى الشرطُ وقوفَ الحكم على استعمال الماء، فلا يجوز العدولُ عنه إلى غيره.
  مسألة: (والثاني طهارة الثياب، وأن تكونَ مباحةً للمصلي). أما طهارة الثياب للمصلي من النجاسات؛ فلقوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}[المدثر: ٤]، فَأَمَر بذلك والأمرُ يقتضي الوجوبَ، وذلك لا يجب لغير الصلاة فثبت وجوبُه لهَا، ولما روي من أمره ÷ بغسل الثوب من دم الحيض، وذلك لا يجب لغير الصلاة، فثبت وجوبه لها. وكذلك قوله ÷ لعمار: «إِنَّمَا تَغْسِل ثَوبَكَ مِنَ البَولِ وَالغَائِطِ» إلى آخر الخبر. قلنا: وتكونُ مباحةً للمصلي؛ لأن ما يحرم على المصلي لبسهُ من الثياب كالحريرالمحض والمغصوب من الثياب فإنه لا يجوزالصلاةُ فيه. أما الحريرُفلأنه قد ثبت تحريم لبسه على الرجال؛ لقوله ÷ في الحرير والذهب: «هَذَانِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي حِلٌّ لإِنَاثِها»(٢)؛ وإذا حَرُمَ لبسُه في غير الصلاة فتحريم لبسه في الصلاة أولى. وأما المغصوب فإنه لا خلاف في تحريم لبسه.
(١) شرح التجريد ١/ ٢٩، والشفاء ١/ ١٢٠، وأصول الأحكام، والاعتصام ١/ ١٨٦، والبيهقي ١/ ٢٤، والدار قطني ١/ ٤٧.
(٢) الاعتصام ١/ ٣٤٣، وأصول الأحكام، والترمذي رقم ١٧٢٠، وابن ماجه رقم ٣٥٩٢، وأبو داود رقم ٤٠٥٧، والطبراني في الكبير ١١/ ١٥ رقم ١٠٨٨٩، والبيهقي ٣/ ٢٧٥.